آيات من القرآن الكريم

وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا
ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ

[سُورَة الْكَهْف (١٨) : آيَة ٢٥]

وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً (٢٥)
رُجُوعٌ إِلَى بَقِيَّةِ الْقِصَّةِ بَعْدَ أَنْ تَخَلَّلَ الِاعْتِرَاضُ بَيْنَهَا بِقَوْلِهِ: فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَى قَوْله: رَشَداً [الْكَهْف: ٢٢- ٢٤].
فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ جُمْلَةُ وَلَبِثُوا عَطْفًا عَلَى مَقُولِهِمْ فِي قَوْلِهِ: سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ. [الْكَهْف: ٢٢] أَيْ وَيَقُولُونَ: لَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ، لِيَكُونَ مَوْقِعُ قَوْلِهِ: قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا [الْكَهْف: ٢٦] كَمَوْقِعِ قَوْلِهِ السَّابِقِ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ [الْكَهْف:
٢٢]، وَعَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ هَذَا إِخْبَارًا عَنْ مُدَّةِ لُبْثِهِمْ. وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَرَأَ وَقَالُوا لَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ إِلَى آخِرِهِ، فَذَلِكَ تَفْسِيرٌ لِهَذَا الْعَطْفِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَطْفُ عَلَى الْقِصَّةِ كُلِّهَا. وَالتَّقْدِيرُ: وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ إِلَى آخِرِهِ، وَهُمْ لَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَمِائَةِ سَنَةٍ وَتِسْعَ سِنِينَ.
وَعَلَى اخْتِلَافِ الْوَجْهَيْنِ يَخْتَلِفُ الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا [الْكَهْف: ٢٦] كَمَا سَيَأْتِي. ثُمَّ إِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْقُرْآنَ أَخْبَرَ بِمُدَّةِ لُبْثِ أَهْلِ الْكَهْفِ فِي كَهْفِهِمْ، وَأَنَّ الْمُرَادَ لُبْثُهُمُ الْأَوَّلُ قَبْلَ الْإِفَاقَةِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِسَبْقِ الْكَلَامِ عَلَى اللُّبْثِ فِي قَوْلِهِ: قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ [الْكَهْف: ١٩]، وَقَدْ قَدَّمْنَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ [الْكَهْف: ٩] إِلَخْ... أَنَّ مُؤَرِّخِي النَّصَارَى يَزْعُمُونَ أَنَّ مُدَّةَ نَوْمَةِ أَهْلِ الْكَهْفِ مِائَتَانِ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً. وَقِيلَ: الْمُرَادُ لُبْثُهُمْ مِنْ وَقْتِ مَوْتِهِمُ الْأَخِيرِ إِلَى زَمَنِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ.
وَالْمَعْنَى: أَنْ يُقَدَّرَ لُبْثُهُمْ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَتِسْعِ سِنِينَ. فَعَبَّرَ عَنْ هَذَا الْعَدَدِ بِأَنَّهُ ثَلَاثُمِائَةِ سَنَةٍ وَزِيَادَةُ تِسْعٍ، لِيُعْلَمَ أَنَّ التَّقْدِيرَ بِالسِّنِينَ الْقَمَرِيَّةِ الْمُنَاسِبَةِ لِتَارِيخِ الْعَرَبِ وَالْإِسْلَامِ مَعَ الْإِشَارَةِ إِلَى مُوَافَقَةِ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ بِالسِّنِينَ الشَّمْسِيَّةِ الَّتِي بِهَا تَارِيخُ الْقَوْمِ الَّذِينَ مِنْهُمْ أَهْلُ الْكَهْفِ وَهُمْ أَهْلُ بِلَادِ الرُّومِ. قَالَ السُّهَيْلِيُّ

صفحة رقم 300
تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد
عرض الكتاب
المؤلف
محمد الطاهر بن عاشور
الناشر
الدار التونسية للنشر
سنة النشر
1403
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية