آيات من القرآن الكريم

وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ ۚ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا ۚ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ

وقيل معناه وإن من قرية مفسدة أو ظالمة إلا نحن مهلوكها. [وهو / قول حسن] دليله [قوله تعالى].
﴿وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي القرى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ﴾ [القصص: ٥٩] وله في القرآن نظائر.
﴿ذلك فِي الكتاب مَسْطُوراً﴾.
أي: في اللوح المحفوظ. وقيل في الكتاب الذي كتبه الله [ تعالى] للملائكة فيه أخبار العباد الكائنة والتي لم تكن ليستدلوا بذلك على قدرته [جلّت عظمته].
قال تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بالآيات﴾.
المعنى وما منعنا أن نرسل بالآيات [التي] اقترحتها قريش ﴿إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأولون﴾ فأهلكوا واستؤصلوا فلو أرسلت إلى هؤلاء بالآيات وكذبوا

صفحة رقم 4229

لأهلكوا واستؤصلوا، ففعل الله [ تعالى] بهم في ترك مجيء الآيات التي سألوها فيه الصلاح.
وفي هذا ما يدل على أن الله جل ذكره أخَّر الآيات عن قريش، لئلا يكفروا بها فيهلكوا كما فعل بالأمم قبلهم. فكان تأخيره لذلك لما علم أن منهم من يؤمن ومنهم من يولد له من يؤمن. فأخّر الآيات ليتم علمه فيهم. وعلم من الأمم الأول أنه لا يؤمن أحد منهم، ولا يولد لأحد [منهم] من يؤمن فأرسل الآيات فكفروا فأهلكوا. وأخّر ذلك عن قريش ليتم ما علم منهم. وقد ظهرت آيات على عهد النبي ﷺ. فالمعنى في هذا: ما منعنا أن نرسل بالآيات التي معها الاصطلام والهلاك لمن كذب بها، إلا أنا حكمنا على كافري أمة محمد [ ﷺ] بعذاب الآخرة وألا يصطلموا بعذاب الدنيا. وهو قوله ﴿وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٧]. فالنبي ﷺ رحمة للمؤمنين إذ أستنقذهم من الضلال

صفحة رقم 4230

وهداهم إلى الإيمان، وهو رحمة للكافرين إذ أخّر عذابهم واصطلامهم إلى الآخرة. قال ابن عباس: " سأل أهل مكة النبي ﷺ أن يجعل لهم الصفا ذهباً، وأن ينحي عنهم الجبال، فيزرعون فقيل له: " إن شئت أن تستأتي بهم لعلنا نجتني منهم. وإن شئت أن نؤتيهم الذي سألوا، فإن كفروا أهلكوا كما أهلك من كان قبلهم قال لا، بل استأني بهم فأنزل الله الآية " وعلى هذا المعنى قول الحسن وابن جبير وقتادة، وهم أهل مكة.
ثم قال [تعالى] ﴿وَآتَيْنَا ثَمُودَ الناقة مُبْصِرَةً﴾.
أي: وقد سأل [ت] الآيات من قبل محمد [ ﷺ] ثمود فأتيناها ما سألت وجعلنا تلك الآية [ناقة] مبصرة، أي: ذات أبصار، أي: مضيئة ظاهرة بمنزلة قوله: ﴿والنهار مُبْصِراً﴾ [يونس: ٦٧] أي: مضيئاً. وقيل: معنى مبصرة مبينة. أي: تبين لهم

صفحة رقم 4231

صدق صالح عليه السلام. وقال مجاهد مبصرة [آية].
ثم قال: ﴿فَظَلَمُواْ بِهَا﴾.
أي: فظلموا من أجلها لأنهم عقروها وكفروا بما جائتهم فصار ظلمهم من أجلها. وقيل: معناه فظلموا بتكذيبهم بها.
ثم قال: ﴿وَمَا نُرْسِلُ بالآيات إِلاَّ تَخْوِيفاً﴾.
أي: وما نرسل بالعبر إلا تخويفاً / للعباد. وقيل: الآيات هنا: [هي] آيات القرآن. وقال الحسن: هو الموت الذريع.
وقال نفطويه: الآيات هنا ثلاث: آية تدل على النبوة ومعجزة. وآية عقوبة، يعني: سؤال تبين فيها القدرة، وهاتان معه [م] االنظرة، ومنه قوله: ﴿وَمَا نُرْسِلُ بالآيات إِلاَّ تَخْوِيفاً﴾ فهذه معها النظرة، والثالثة: آية سألتها أمة غير ما

صفحة رقم 4232
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية