آيات من القرآن الكريم

وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ ۚ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا ۚ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ

أنَّ هؤلاء المعبودين يَطْلُبُون التقرُّب إِلى اللَّه والتزلُّف إِليه، وأنَّ هذه حقيقة حالهِمْ.
وقوله سبحانه: وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ... الآية: قال عزُّ الدين بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، في اختصاره ل «رِعَايَة المُحَاسِبِيِّ» : الخوفُ والرجاءُ: وسيلَتَانِ إِلى فعْلِ الواجباتِ والمندوباتِ، وتركِ المحرَّمات والمكروهاتِ، ولكنْ لا بدَّ من الإِكباب على استحضار ذلك واستدامته في أكثر الأوقات حتى يصير الثواب والعقاب نُصُبَ عينيه، فَيَحُثَّاه على فعْلِ الطاعات، وتركِ المخالفات، ولَنْ يحصُلَ له ذلك إِلا بتَفْريغ القَلْبِ مِنْ كل شيء سِوَى ما يفكر فيه، أو يعينه على الفِكْرِ، وقد مُثِّلَ القلْبُ المريضُ بالشهوات بالثوْبِ المتَّسِخِ الذي لا تَزُولُ أدرانه إِلا بتَكْرير غَسْله وحَتِّه وقَرْضِهِ، انتهى. وباقي الآية بيِّن.
وقوله سبحانه: وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها... الآية: أخبر سبحانه في هذه الآية أنَّه ليس مدينَةٌ من المُدُنِ إِلا هي هَالِكَة قبل يوم القيامة بالموتِ والفناءِ، هذا مع السَّلامة وأخْذِها جُزْءاً جُزْءاً، أو هي معذَّبة مأخوذةٌ مرةً واحدةً.
وقوله: فِي الْكِتابِ: يريد في سابقِ القَضَاء، وما خَطَّه القلم في اللوْحِ المحفوظ، «والمسطور» : المكتوب أسطارا.
[سورة الإسراء (١٧) : آية ٥٩]
وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلاَّ أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً (٥٩)
وقوله سبحانه: وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ... الآية: هذه العبارة في مَنَعَنا هي على ظاهر ما تَفْهَمُ العربُ، فسمى سبحانه سبْقَ قضائِهِ بتَكْذيب مَنْ كذَّب وتعذيبِهِ- مَنْعاً وسبب هذه الآية أن قريشاً اقترحوا على النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أَن يجعل لهم الصَّفَا ذَهَباً، ونحو هذا من الاقتراحات، فأوحى اللَّه إِلى نبيه عليه السلام: إِن شئْتَ أفعلُ لهم ذلك، ثم إِن لم يؤمنوا، عاجَلْتُهُمْ بالعقوبة، وإِن شئْتَ، استأْنَيْتُ بهم عسى أن أَجْتَبِيَ منهم مؤمنين، فقال عليه السلام: بل استأذن بِهِمْ يَا رَبِّ «١»، فأخبر سبحانه في هذه الآية أنه لم يمنعه جلَّ وعلاَ من إرسال الآيات المقترحة إلا الاستثناء إِذ قد سلفت عادته سبحانه بمعاجلة الأمم الذين

(١) أخرجه أحمد (١/ ٢٥٨)، والنسائي في «الكبرى» (٦/ ٣٨٠) كتاب «التفسير» باب: قوله تعالى: وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ، حديث (١١٢٩٠)، والطبري في «تفسيره» (١٥/ ٧٤)، والحاكم (٢/ ٣٦٢)، والبيهقي في «دلائل النبوة» (٢/ ٢٧١) من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٣٤٤)، وزاد نسبته إلى البزار وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه.

صفحة رقم 481
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية