آيات من القرآن الكريم

مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ

وختم ما ذكر بأن الله سبحانه يجزي الصابرين على الإسلام والطاعات ومنها الوفاء بالعهد، وعن المعاصي، أجرهم على الطاعات، ويتجاوز عن السّيئات، وهذا هو المراد من الجزاء على أحسن أعمالهم.
كلّ هذه الأوامر والنّواهي والمؤكّدات والوعود والمواعيد والتّهديدات والجزاءات من أجل الحفاظ على المعاهدات والعهود والمواثيق، وعدم الإخلال بأحكامها وشروطها ومشتملاتها.
أجمع آية للرجال والنساء في الترغيب بالعمل الصالح
[سورة النحل (١٦) : آية ٩٧]
مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٩٧)
الإعراب:
قال: فَلَنُحْيِيَنَّهُ ثم قال: وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ لأن مَنْ يصلح للواحد والجمع، فأعاد مرة على اللفظ ومرة على المعنى.
المفردات اللغوية:
مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بيّن النوعين دفعا للتخصيص. وَهُوَ مُؤْمِنٌ قيد في قبول العمل إذ لا اعتداد بأعمال الكفرة في استحقاق الثواب، وإنما يتوقع عليها تخفيف العقاب. حَياةً طَيِّبَةً في الدنيا: يعيش عيشا طيبا لا قلق فيه ولا ضجر، فهو إن كان موسرا لم يصرفه الحرص والطمع عن واجبات الدين، وإن كان معسرا طيّب عيشه بالقناعة والرضا بالقسمة والرزق الحلال.
وقيل: ذلك في الآخرة وهي حياة الجنة. ما كانُوا يَعْمَلُونَ من الطاعة.
المناسبة:
هذه الآية ترغيب للرجل والمرأة في أداء الطاعات والفرائض الدينية، فبعد

صفحة رقم 227

أن رغب الله تعالى المؤمنين في القسم الأول وهو الصبر على ما التزموه من شرائع الإسلام بقوله: وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا بأن يجزيهم على أحسن أعمالهم التي تشمل المباحات والمندوبات والواجبات، ويثيبهم على ما عدا المباحات، رغّب المؤمنين في القسم الثاني وهو الإتيان بكل ما كان من شرائع الإسلام.
التفسير والبيان:
هذا وعد من الله تعالى لمن عمل صالحا، فمن عمل صالح الأعمال، من ذكر أو أنثى، وهي الأعمال المطابقة لكتاب الله وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، فأدى الفرائض، وكان قلبه مؤمنا بالله ورسوله، فله حياة طيبة في الدنيا، وجزاء بأحسن ما عمله في الدار الآخرة.
والحياة الطيبة: تشمل وجوه الراحة المختلفة، وفسرها ابن عباس وجماعة بالرزق الحلال الطيب، أو السعادة، أو العمل بالطاعة والانشراح بها، أو القناعة، والصحيح- كما قال ابن كثير-: أن الحياة الطيبة تشمل هذا كله، كما
جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «قد أفلح من أسلم، ورزق كفافا، وقنّعه الله بما آتاه» ورواه مسلم من حديث عبد الله بن يزيد المقري.
وروى الترمذي والنسائي عن فضالة بن عبيد أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «قد أفلح من هدي للإسلام، وكان عيشه كفافا، وقنع به».
وروى الإمام أحمد ومسلم عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله لا يظلم المؤمن حسنة يعطى بها في الدنيا، ويثاب عليها في الآخرة.
وأما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة، لم تكن له حسنة يعطى بها خيرا»
.

صفحة رقم 228
التفسير المنير
عرض الكتاب
المؤلف
وهبة بن مصطفى الزحيلي الدمشقي
الناشر
دار الفكر المعاصر - دمشق
سنة النشر
1418
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية