التفسير
معاني الكلمات
آيات مشابهة
الموضوعات
الفتاوى
الإعراب
الوقفات
الترجمات
الحق تبارك وتعالى يُعطينا قضية عامة، هي قضية المساواة بين الرجل والمرأة، فالعهود كانت عادةً تقع بين الرجال، وليس للمرأة
صفحة رقم 8194
تدخُّل في إعطاء العهود، حتى إنها لما دخلتْ في عهد مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يوم بيعة العقبة جعل واحداً من الصحابة يبايع النساء نيابة عنه.
إذن: المرأة بعيدة عن هذا المعتَرك نظراً لأن هذا من خصائص الرجال عادةً، أراد سبحانه أن يقول لنا: نحن لا نمنع أن يكونَ للأنثى عملٌ صالح.
ولا تظنّ أن المسألة منسحبة على الرجال دون النساء، فالعمل الصالح مقبول من الذكر والأنثى على حدٍّ سواء، شريطة أنْ يتوفَّر له الإيمان، ولذلك يقول تعالى:
﴿وَهُوَ مُؤْمِنٌ..﴾ [النحل: ٩٧].
وبذلك يكون العمل له جَدْوى ويكون مقبولاً عند الله؛ ولذلك نرى كثيراً من الناس الذين يُقدِّمون أعمالاً صالحة، ويخدمون البشرية بالاختراعات والاكتشافات، ويداوون المرضى، ويبنون المستشفيات والمدارس، ولكن لا يتوفر لهم شرط الإيمان بالله.
فنرى الحق تبارك وتعالى لا يبخس هؤلاء حقهم، ولكن يُعجِّله لهم في الدنيا؛ لأنه لا حَظَّ لهم في أجر الآخرة، يقول تعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخرة نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدنيا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخرة مِن نَّصِيبٍ﴾ [الشورى: ٢٠].
ويقول الحق سبحانه وتعالى:
﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧ - ٨].
وهذا كله خاصٌّ بأمور الدنيا، فالذي يحسن شيئاً ينال ثمرته، لكن في جزاء الآخرة نقول لهؤلاء: لا حَظَّ لكم اليوم، وخذوا أجركم مِمَّنْ عملتُم له فقد عملتُم الخير للإنسانية للشهرة وخلود الذكْر، وقد أخذتم ذلك في الدنيا فقد خَلَّدوا ذِكْراكم، ورفعوا شأنكم، وصنعوا لكم التماثيل، ولم يبخسوكم حَقَّكم في الشُّهْرة والتكريم.
ويوم القيامة يواجههم الحق سبحانه وتعالى: فعلتم ليقال.. وقد قيل، فاذهبوا وخذوا ممَّنْ عملتم لهم.
هؤلاء الذين قال الله في حقهم: ﴿والذين كفروا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظمآن مَآءً حتى إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ الله عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ والله سَرِيعُ الحساب﴾ [النور: ٣٩].
يُفاجأ يوم القيامة أن له إلهاً كان ينبغي أنْ يؤمن به ويعمل ابتغاء وجهه ومرضاته.
إذن: فالإيمان شَرْطٌ لقبول العمل الصالح، فإذا ما توفر الإيمان فقد استوى الذّكَر والأنثى في الثواب والجزاء.
يقول تعالى:
﴿فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً..﴾ [النحل: ٩٧].
هذه هي النتيجة الطبيعة للعمل الصالح الذي يبتغي صاحبه وجه الله والدار الآخرة، فيجمع الله له حظين من الجزاء، حظاً في الدنيا بالحياة الطيبة الهانئة، وحظاً في الآخرة:
﴿وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: ٩٧].
ويقول الحق سبحانه: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ... ﴾.