آيات من القرآن الكريم

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ۖ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ
ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ

﴿وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ﴾ قوله عز وجل: ﴿ذلك لمن خاف مقامي﴾ أي المقام بين يدّي، وأضاف ذلك إليه لاختصاصه به: والفرق بين المقام بالفتح وبين المقام بالضم أنه إذا ضم فهو فعل الإقامة، وإذا فتح فهو مكان الإقامة.

صفحة رقم 126

﴿وخاف وعيد﴾ فيه وجهان: أحدهما: أنه العذاب. والثاني: أنه ما في القرآن من زواجر. ﴿واستفتحوا﴾ فيه وجهان: أحدهما: أن الرسل استفتحوا بطلب النصر، قاله ابن عباس. الثاني: أن الكفار استفتحوا بالبلاء، قاله ابن زيد. وفي الاستفتاح وجهان: أحدهما: أنه الإبتداء. الثاني: أنه الدعاء، قاله الكلبي. ﴿وخاب كلُّ جبار عنيد﴾ في ﴿خاب﴾ وجهان: أحدهما: خسر عمله. الثاني: بطل أمله. وفي ﴿جبار﴾ وجهان: أحدهما: أنه المنتقم. الثاني: المتكبر بطراً. وفي ﴿عنيد﴾ وجهان. أحدهما: أنه المعاند للحق. الثاني: أنه المتباعد عن الحق، قال الشاعر:

(ولست إذا تشاجر أمْرُ قوم بأَوَّلِ مَنْ يخالِفهُم عَنيدا)
قوله عز وجل: ﴿مِن ورائه جهنم﴾ فيه أربعة أوجه: أحدها: معناه من خلفه جهنم. قال أبو عبيدة: وراء من الأضداد وتقع على خلف وقدام. جميعاً. الثاني: معناه أمامه جهنم، ومنه قول الشاعر:

صفحة رقم 127

الثالث: أن جهنم تتوارى ولا تظهر، فصارت من وراء لأنها لا ترى حكاه ابن الأنباري. الرابع: من ورائه جهنم معناه من بعد هلاكه جهنم، كما قال النابغة:

(ومن ورائك يومٌ أنت بالغه لا حاضرٌ معجز عنه ولا بادي)
أراد: وليس بعد الله مذهب. ﴿ويسقى من ماءٍ صديد﴾ فيه وجهان: أحدهما: من ماء مثل الصديد كما يقال للرجل الشجاع أسد، أي مثل الأسد. الثاني: من ماء كرهته تصد عنه، فيكون الصديد مأخوذاً من الصد. قوله عز وجل: ﴿... ويأتيه الموت مِنْ كل مكان﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: من كل مكان من جسده حتى من أطراف شعره، قاله إبراهيم التيمي، للآلام التي في كل موضع من جسده. الثاني: تأتيه أسباب الموت من كل جهة، عن يمينه وشماله، ومن فوقه وتحته، ومن قدامه وخلفه، قاله ابن عباس. الثالث: تأتيه شدائد الموت من كل مكان، حكاه ابن عيسى. ﴿وما هو بميتٍ﴾ لتطاول شدائد الموت به وامتداد سكراته عليه ليكون ذلك زيادة في عذابه. ﴿ومن ورائه عذاب غليظ﴾ فيه الوجوه الأربعة الماضية. والعذاب الغليظ هو الخلود في جهنم.

صفحة رقم 128
النكت والعيون
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن محمد بن محمد البصري الماوردي الشافعي
تحقيق
السيد بن عبد الرحيم بن عبد المقصود
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان
عدد الأجزاء
6
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية
(حلفت فلم أترك لنفسك ريبةً وليس وراءَ الله للمرْءِ مذهب)