آيات من القرآن الكريم

فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ
ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ

(وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ)، والآية ترد على المعتزلة قولهم؛ لقولهم: إن صاحب الكبيرة خالد مخلد في النار وأنه ليس بكافر؛ وهو آيس - على قولهم - من رَوْح اللَّه، وقد أخبر أنه (لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) وهم يقولون: إن صاحب الكبيرة آيس من رَوْح اللَّه، وهو ليس بكافر.
* * *
قوله تعالى: (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (٨٨) قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (٨٩) قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (٩٠) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (٩١) قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٩٢) اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (٩٣)
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ) أي على يوسف (قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ) سموه عزيزا، لما لعلهم يسمون كل ملك عزيزا، أو سموه عزيزًا؛ لما كان عند ذلك عزيزًا؛ بقوله: (أَكْرِمِي مَثْوَاهُ)، أو لما كان بالناس إليه حاجة بالطعام الذي في يده؛ وهو كان غنيًّا عما في أيديهم واللَّه أعلم.
قولهم: (مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ).
قال أهل التأويل: أصابنا الشدة والبلاء من الجوع.
(وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ).
قيل: دراهم نُفَاية مبهرجة لا تنفق في الطعام؛ كاسدة؛ لأنه كان في عزّة؛ وتُنفَق في غيره.
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: (وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ) أي قليلة. وكذلك قَالَ الْقُتَبِيُّ: أي قليلة. وقال ابن عَبَّاسٍ: هي الورق الرديئة التي لا تنفق حتى يوضع منها.

صفحة رقم 280

وقال أبو عبيد: الإزجاء في كلام العرب: الدفع والشَوق؛ وهو كقوله: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا)، أي يسوق ويدفع. وقَالَ بَعْضُهُمْ: ناقصة. وقَالَ بَعْضُهُمْ: جاءوا بسمن وصوف. وقيل: جاءوا بصنوبر وحبة الخضراء، وأمثال هذا.
قالوا: ويشبه أن يكون (مُزْجَاةٍ) من التزجية: كما يقال: نزجي يومًا بيوم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ).
قَالَ بَعْضُهُمْ: أوف لنا الكيل بسعر الجياد؛ وتأخذ النُفَاية وتكيل لنا الطعام بسعر الجياد.
لكن قوله: (فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ) أي سلم لنا الكيل تامًّا؛ لأن الإيفاء هو التسليم على الوفاء؛ كقوله: (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ)، وتصدق علينا بفضل ما بين الثمنين في الوزن. وقيل: ما بين الكيلين.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: وتصدق علينا: أي زد لنا شيئًا يكون ذلك صدقة لنا منك.
لكن يشبه على ما قالوا: وطلبوا منه الصدقة؛ حط الثمن؛ لأن الصدقة لا تحل للأنبياء، ويجوز الحط لهم، ويجوز حط من لا يجوز صدقته؛ نحو العبد المأذون له في التجارة؛ يجوز حطه ولا يجوز صدقته، وكذلك نبي اللَّه كان يجوز له الشراء، بدون

صفحة رقم 281
تأويلات أهل السنة
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور الماتريدي
تحقيق
مجدي محمد باسلوم
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت، لبنان
سنة النشر
1426
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية