
الجمع ولا يكون فِي معنى اثنين ألا ترى أنك تَقُولُ: كم عندك من درهم ومن دراهم، ولا يَجوز:
كم عندك من درهمين. فلذلك كثرت التثنية ولم يُجمع.
وقوله: وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ [٨٨] ذكروا أنَّهم قَدمِوا مصر ببضاعة، فباعوها بدراهم لا تَنْفُق فِي الطعام إِلَّا بغير سعر الجياد، فسألوا يوسف أن يأخذها منهم ولا ينقصهم. فذلك قوله:
(فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا) بفضل ما بين السِّعرين.
وقوله: يَأْتِ بَصِيراً [٩٣] أي يرجع بَصِيرًا.
وقوله: لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ [٩٤] يقول: تكذّبون وتُعَجِّزون وتضعفِّون.
وقوله: سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي [٩٨] قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ «١» (عَن) شريك عَن السُّدِّي فِي هذه الآية أخرهم «٢» إلى السّحر (قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا «٣» وَزَادَنَا حِبَّانُ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَخَّرَهُمْ إِلَى السَّحَرِ) لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ.
وقوله: وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [١٠٥] فآيات السَّموات الشمسُ والقمر والنجوم. وآيات الأرض الجبال والأنهار وأشباه ذَلِكَ.
وقوله: وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ [١٠٦] يقول: إذا سألتهم مَن خلقكم؟
قالوا: الله، أو من رزقكم؟ قالوا: الله، وهم يشركون بِهِ فيعبدونَ الأصنام. فذلك قوله:
(وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ).
وقوله: أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي [١٠٨] يقول: أنا ومن اتّبعني، فهو يدعو على بصيرة كما أدعو.
وقوله: وَلَدارُ الْآخِرَةِ [١٠٩] أُضِيفت الدار إلى الآخرة وهي الآخرة وقد تضيف العرب الشيء
(٢) أي أخر الاستغفار لهم.
(٣) سقط ما بين القوسين فى ا.

إلى نفسه إذا اختلف لفظه كقوله (إِنَّ «١» هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ) والحق هُوَ اليقين. ومثله أتيتك بارحة الأولى، وعام الأوَّل وليلة الأولى ويوم الخميس. وجميعُ الأيّام تُضافُ إلى أنفسها لاختلاف لفظها. وكذلك شهر ربيع. والعربُ تَقُولُ فِي كلامها- أنشدني بعضهم-:
أَتَمْدَحُ فَقْعَسًا وتَذمّ عَبْسًا | أَلا لِلَّهِ أُمُّكَ من هَجِين «٢» |
ولو أقوت «٣» عَلََيْكَ ديارُ عَبْس | عرفتَ الذُّلَّ عِرفان اليقين |
وقوله: حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا [١١٠].
خفيف. وقرأها أهل المدينة بالتثقيل، وقرأها ابنُ عباس بالتخفيف، وفسّرها: حَتَّى إذا استيأس الرُّسُل من قومهم أن يؤمنوا، وظن قومُهم أن الرسل قد كُذِبوا جاءهم نصرنا. وحُكِيَت عَن عبد الله (كُذِّبُوا) مشدّدة وقوله: (فنجى من نشاء) القراءة بنونين «٤» والكتابُ أَتى بنون واحدة. وقد قرأ عاصم (فنجّى من نشاء) فجعلها نونًا، كأنه كره زيادة نون ف (مَنْ) حينئذ فِي موضع رفع. وأمّا الَّذِينَ قرءوا بنونين فإن النون الثانية، تخفى ولا تخرج من موضع الأولى، فلمّا خفيت حذفت، ألا ترى أنك لا تَقُولُ فننجي بالبيان. فلمّا خفيت الثانية حذفت واكتفى بالنون الأولى منها، كما يكتفى بالحرف من الحرفين فيدغم ويكون كتابُهما واحدًا.
وقوله: مَا كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ [١١١] منصوب، يُرادُ بِهِ: ولكن كَانَ تصديقَ ما بين يديه من الكتب: التوراة والإنجيل. ولو رفعت التصديق كَانَ صوابًا كما تَقُولُ: ما كان
(٢) الهجين: عربى ولد من أمة أو من أبوه خير من أمه.
(٣) أقوت: أقفرت وخلت.
(٤) قرأ «فتنجى» غير ابن عامر وعاصم ويعقوب. أما هؤلاء فقد قرءوا: «فنجى» على صيغة المبنى للمفعول من نجى.