آيات من القرآن الكريم

وَأُتْبِعُوا فِي هَٰذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ
ﯰﯱﯲﯳﯴﯵ ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ

ابلهان كفتند مردى بيش نيست واى آن كو عاقبت انديش نيست
فعلى الصالحين ان يعتبروا بأحوال الطالحين فانهم قد أخذوا الدنيا وآثروها على الآخرة ثم سلبهم الله أموالهم وديارهم كأن لم ينتفعوا بشئ ولم يقيموا فى دار وعن جابر بن عبد الله انه قال شهدت مجلسا من مجالس رسول الله ﷺ إذ أتاه رجل ابيض الوجه حسن الشعر واللون عليه ثياب بيض فقال السلام عليك يا رسول الله فقال عليه السلام (عليك السلام) فقال يا رسول الله ما الدنيا قال (هى حلم المنام وأهلها مجازون ومعاقبون) قال يا رسول الله وما الآخرة قال (عيش الابد فريق فى الجنة وفريق فى السعير) فقال يا رسول الله فما الجنة قال (بذل الدنيا لطالبها نعيمها لاهلها ابدا) قال فما جهنم قال (بذل الآخرة لطالبها لا يفارقها أهلها ابدا) قال فما خير هذه الامة قال (الذي يعمل بطاعة الله) قال فكيف يكون الرجل فيها قال (مشمرا كطالب القافلة) قال فكم القرار بها قال (كقدر المتخلف عن القافلة) قال فكم ما بين الدنيا والآخرة قال (غمضة عين) قال فذهب الرجل فلم ير فقال رسول الله ﷺ (هذا جبريل أتاكم ليزهدكم فى الدنيا ويرغبكم فى الآخرة) كذا فى تنبيه الغافلين: قال السعدي قدس سره
يكى بر سر كور كل ميسرشت كه حاصل كند زان كل كور خشت
بانديشه لختى فرو رفت پير كه اى نفس كوته نظر پند كير
چهـ بندى درين خشت زرين دلت كه يك روز خشتى كند از كلت
تو غافل در انديشه سود ومال كه سرمايه عمر شد پايمال
دل اندر دلارام دنيا مبند كه ننشست با كس كه دل بر نكند
بر مرد هشيار دنيا خسست كه هر مدتى جاى ديگر كسست
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا اى وبالله لقد أرسلنا مُوسى حال كونه ملتبسا بِآياتِنا التسع التي هى العصا واليد البيضاء والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ونقص الأموال والأنفس وَسُلْطانٍ برهان مُبِينٍ واضح هو من قبيل عطف الصفة مع اتحاد الموصوف اى ولقد أرسلنا موسى بالجامع بين كونه آياتنا وبين كونه سلطانا له على صدق نبوته واضحا فى نفسه او موضحا إياها فان ابان جاء لازما ومتعديا كقوله تعالى وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ والفرقان اى التوراة الجامعة بين كونها كتابا وحجة تفرق بين الحق والباطل ويجوز ان يراد بسلطان مبين الغلبة والاستيلاء كقوله تعالى وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ اى اشراف قومه ورؤسائه. وتخصيص ملئه بالذكر مع عموم رسالته لقومه كافة لاصالتهم فى الرأى وتدابير الأمور واتباع غيرهم لهم فى الورود والصدور فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ اى امره بالكفر بما جاء به موسى من البينات وأطاعوا قوله حين قال لهم ما علمت لكم من اله غيرى وخالفوا امر موسى بالتوحيد وقبول الحق وانما لم يصرح بكفر فرعون بآيات الله للايذان بوضوح حاله فكان كفره وامر ملئه بذلك محقق الوجود غير محتاج الى الذكر صريحا وانما المحتاج الى ذلك شأن ملئه المترددين بين هاد الى الحق وداع الى الضلال وإيراد الفاء للاشعار

صفحة رقم 182

بمسارعتهم الى الاتباع فكأنه لم يتراخ من الإرسال والتبليغ بل وقعا فى وقت واحد وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ قال الكاشفى [نبود كار فرعون بر نهج رشد وصواب] وقال غيره الرشد مستعمل فى كل ما يحمد ويرتضى كما استعمل الغى فى كل ما يذم ويتسخط فهو ضد الغى والرشيد بمعنى المرشد والاسناد مجازى. والمعنى وما هو مرشد الى خير وهو عى محض وضلال صريح وانما يتبع العقلاء من يرشدهم ويهديهم لا من يضلهم ويغويهم وفيه تجهيل لمتبعيه يَقْدُمُ فى الصحاح قدم بالفتح يقدم قدما اى تقدم وهو استئناف لبيان حاله فى الآخرة قَوْمَهُ جميعا من الاشراف وغيرهم يَوْمَ الْقِيامَةِ اى يتقدمهم يوم الآخرة الى النار وهم خلفه ويقودهم الى النار كما كانوا يتبعونه فى الدنيا ويقودهم الى الضلال فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ اى يوردهم ويدخلهم فيها. وإيثار صيغة الماضي للدلالة على تحقق الوقوع لا محالة لان الماضي متيقن الوجود واعلم ان الورود عبارة عن المجيء الى الماء والا يراد إحضار الغير والمورد الماء فشبه فرعون بالفارط الذي يتقدم الواردة الى الماء واتباعه بالواردة والنار بالماء الذي يردونه ثم قيل وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ اى بئس المورد الذي يردونه النار لان الورد انما يورد لتسكين العطش وتبريد الأكباد والنار على ضد ذلك وَأُتْبِعُوا اى الملأ الذين اتبعوا امر فرعون فِي هذِهِ اى فى الدنيا لَعْنَةً لعنة عظيمة حيث لعنهم من بعدهم من الأمم وَيَوْمَ الْقِيامَةِ اى حيث يلعنهم اهل الموقف قاطبة فهى تابعة لهم حيثما ساروا دائرة معهم أينما داروا فكما اتبعوا امر فرعون اتبعتهم اللعنة فى الدارين جزاء وفاقا او يلعنون ويطردون من رحمة الله تعالى فى الدنيا بالغرق والآخرة بما فيها من عذاب فان كل معذب ملعون مطرود من الرحمة كما ان كل مخذول محروم من التوفيق والعناية كذلك واكتفى ببيان حالهم الفظيع عن بيان حال فرعون إذ حين كان حالهم هكذا فما ظنك بحال من أغواهم وألقاهم فى هذا الضلال البعيد وحيث كان شان الاتباع ان تكون أعوانا للمتبوع جعلت اللعنة رفدا لهم على طريقة التهكم فقيل بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ الرفد قد جاء بمعنى العون وبمعنى العطية والملائم هنا هو الاول قال الزجاج كل شىء جعلته عونا لشئ وأسندت به شيأ فقد رفدته. والمعنى بئس العون المعان رفدهم وهى اللعنة فى الدارين وذلك ان اللعنة فى الدنيا رفد للعذاب ومددله وقد رفدت باللعنة فى الآخرة. وفى الآية بيان شقاء فرعون وانه لم ينفعه إيمانه حين الغرق ولو نفعه لما كان قائد قومه الى النار وفى الفتوحات فى الباب الثاني والستين المجرمون اربع طوائف كلها فى النار لا يخرجون منها وهم المتكبرون على الله تعالى كفرعون وأمثاله ممن ادعى الربوبية لنفسه ونفاها عن الله تعالى فقال يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي وقال أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى يريد انه ليس فى السماء اله غيرى وكذلك نمرود وغيره وقال فى الفتوحات فى موضع آخر هو معتقدى وغير هذا قلت على سبيل البحث والاستكشاف انتهى وعلى هذا يحمل ما فى فصوص الحكم من كونه مقبوضا على الطهارة فتدبر وامسك لسانك عن الشيخ فان لكلمات الكبار محامل كثيرة والقرآن لا ينقضى عجائبه وهى بكر بالنسبة الى ارباب الرسوم هدانا الله وإياكم الى حقيقة العلم والعمل

صفحة رقم 183
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية