آيات من القرآن الكريم

حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ ۚ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ

وقال مقاتل: يعني: بتعليمنا وأمرنا. وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا يعني: فلا تراجعني في قومك، ولا تدعني بصرف العذاب عنهم، إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ بالطوفان. ويقال: وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا، يعني ابنه كنعان.
وقال عكرمة: كان طول سفينة نوح ثلاثمائة ذراع، وعمقها في الماء ثلاثون ذراعاً، وعرضها خمسون ذراعاً. وقال الحسن: كان طول سفينة نوح ألف ومائتا ذراع، وعمقها في الماء ثلاثون ذراعاً وعرضها ستمائة ذراع. - وقال ابن عباس: «كان طول سفينة نوح ثلاثمائة، وطولها في الماء ثلاثون ذراعاً، وعرضها خمسون ذراعاً» «١».
وقال القتبي: قرأت في التوراة: أن الله تعالى أوحى إلى نوح أن اصنع الفلك، وليكن طولها ثلاثمائة ذراع، وعرضها خمسون ذراعاً، وارتفاعها ثلاثون ذراعاً، وليكن بابها في عرضها. وادخل أنت في الفلك وامرأتك وبنوك ونساء بنيك ومن كل زوجين من الحيوان ذكراناً وإناثاً، فإني منزل المطر على الأرض، أربعين يوماً وأربعين ليلة، فأتلف كل شيء خلقته على الأرض. فأرسل الله تعالى ماء الطوفان على الأرض، في سنة ستمائة من عمر نوح عليه السلام، ولبث في الماء مائة وخمسين يوماً، وعاش بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسين سنة. وروي عن وهب بن منبه أنه قال: مكث نوح ينجر السفينة مائة سنة، فلما فرغ من عملها أمره الله تعالى أن يحمل فيها مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين من كل حيوان، فحمل فيها امرأته وبنيه ونساءهم، فركب فيها لسبع عشرة ليلة خلت من صفر، فمكث في الماء سبعة أشهر لم يقر لها قرار، فأرسيت على الجودي خمسة أشهر، فأرسل الغراب لينظر كم بقي من الماء، فمكث على جيفة، فغضب عليه نوح ولعنه، ثم أرسل الحمامة فوقعت في الماء، فبلغ الماء قدر حمرة رجليها، فجاءت فأرته، فبارك عليها نوح.
[سورة هود (١١) : الآيات ٣٨ الى ٤٠]
وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ (٣٨) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ (٣٩) حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ (٤٠)
قوله تعالى: وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ يعني: ينحت السفينة. ويقال: إن الله تعالى أمره بأن يغرس الأشجار، فغرسها حتى أدركت، وقطعها حتى يبست، ثم اتخذ منها السفينة، فاستأجر أجراء ينحتون معه. وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ يعني: الأشراف من قومه سَخِرُوا مِنْهُ يعني:
استهزءوا به، وكانوا يقولون: إن الذي يزعم أنه نبي صار نجاراً، ومرة كانوا يقولون: أتجعل

(١) ما بين معقوفتين ساقط من النسخة: «ب».

صفحة رقم 149

للماء إكافاً فأين الماء. قالَ لهم نوح إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ يعني: إن تسخروا منا اليوم، فإنا نسخر منكم بعد الهلاك، يعني: يصيبكم جزاء السخرية، كَما تَسْخَرُونَ منا، يعني: بما تسخرون ويقال إن تستجهلوا بنا بهذا الفعل، فإنا نستجهلكم بترك الإيمان، كما تستجهلوننا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ يعني: تعرفون بعد هذا من أحق بالسخرية، وهذا وعيد لهم، فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ يعني: تعرفون مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ يعني: يهلكه ويذله وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ يعني: ينزل عليه عذاب دائم، لا ينقطع عنه أبدا.
قوله تعالى: حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا يعني: قولنا بالعذاب، ويقال: حتما إذا جاء عذابنا، وهو الغرق وَفارَ التَّنُّورُ يعني: نبع الماء من أسفل التنور. وقال مقاتل: التنور الذي يخبز فيه في أقصى ديار بالشام- وقال ابن عباس: وَفارَ التَّنُّورُ يعني: نبع الماء من وجه الأرض «١» - وقال علي بن أبي طالب: وَفارَ التَّنُّورُ «يعني: طلوع الفجر، أي تنوّر الصبح»، يعني: إذا طلع الفجر، كان وقت الهلاك. وروي عن عليّ رضي الله عنه أيضاً أنه قال: فار منه التنور وجرت منه السفينة، إلى مسجد بالكوفة قُلْنَا احْمِلْ فِيها يعني: في السفينة مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يعني: من كل صنفين وَأَهْلَكَ يعني: واحمل أهلك فيها معك إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ بالغرق، يعني: سوى من قدرت عليه الشقاوة والكفر، فلا تحمله، يعني: امرأته الكافرة، وابنه كنعان، وَمَنْ آمَنَ يعني: واحمل في السفينة من آمن معك.
قال الفقيه: أخبرني الثقة، بإسناده عن وهب بن منبه، قال: «أمر نوح بأن يحمل مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين، فقال: رب كيف أصنع بالأسد والبقرة؟ وكيف أصنع بالذئب والعناق؟ وكيف أصنع بالحمام والهرة؟ قال: يا نوح من ألقى بينهم العداوة؟ قال: أنت يا رب، قال: فإني أؤلف بينهم حتى يتراضوا».
قال الفقيه: حدثنا الخليل بن أحمد، قال: حدثنا الماسرخسي، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا قبيصة بن عقبة، قال: حدّثنا سفيان، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس، قال: «كثر الفأر في السفينة، حتى خافوا على حبال السفينة، فأوحى الله تعالى إلى نوح، أن امسح عن جبهة الأسد فمسحها، فعطس، فخرج منها سنوران، فأكلا الفئران. وكثرت العذرة في السفينة، فشكوا إلى نوح، فأوحى الله تعالى إلى نوح: أن امسح ذنب الفيل، فمسحه فخرج خنزير، فأكل العذرة». وفي خبر آخر: «فخرج منه خنزيران فأكلا العذرة». قال الفقيه، أبو الليث رحمه الله: وفي خبر وهب بن منبه دليل أن الهرة كانت من قبل. وفي هذا الخبر أن الهرة لم تكن من قبل، والله أعلم بالصواب منهما.
وروي عن ابن عباس أنه قال: «لما فار الماء من التنور، فأرسل الله تعالى من السماء مطرا

(١) ما بين معقوفتين ساقط من النسخة: «ب». [.....]

صفحة رقم 150
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية