آيات من القرآن الكريم

فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
ﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ ﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ

حاله مجازاة وانتقاما قال الله تعالى ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وهذا هو المراد من قول البيضاوي وفى اختلاف الفعلين نكتة لا تخفى وفى التعبير عن ملابسة الرحمة والنعماء بالذوق الذي هو ادراك الطعم وعن ملابسة الضراء بالمس الذي هو مبدأ الوصول كأنما يلاصق البشرة من غير تأثير تنبيه على ان ما يجده الإنسان فى الدنيا من النعم والمحن كالا نموذج لما يجده فى الآخرة لَيَقُولَنَّ الإنسان ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي اى المكاره والمصائب التي ساءتنى اى فعلت بي ما اكره ولن يعترينى بعد أمثالها فان الترقب لورود أمثالها مما يكدر السرور وينغص العيش إِنَّهُ لَفَرِحٌ [شادمانست مغروريان] وهو اسم فاعل من فعل اللازم. والفرح إذا اطلق فى القرآن كان للذم وإذا كان للمدح يأتى مقيدا بما فيه خير كقوله تعالى فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ كذا فى حواشى سعدى المفتى يقول الفقير يرده قوله تعالى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً والظاهر ان كونه للمدح او للذم انما هو بحسب المقام والقرائن واعلم ان الفرح بالنعمة ونسيان المنعم فرح الغافلين والعطب الى هذا اقرب من السلامة والاهانة او فى من الكرامة قال حضرة شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة فى بعض تحريراته هو المحبوب لذاته لا لعطائه وعطاؤه محبوب لكونه محبوبا لا لنفسه ونحبه ونحب عطاءه لحبه انتهى باجمال يشير قدس سره الى الفرح بالله تعالى على كل حال فَخُورٌ على الناس بما اوتى من النعم مشغول بذلك عن القيام بحقها: قال السعدي قدس سره

چومنعم كند سفله را روزگار نهد بر دل تنگ درويش بار
چوبام بلندش بود خودپرست كند بول وخاشاك بر بام پست
وقال
كه اندر نعمتى مغرور وغافل گهى از تنگ دستى خسته وريش
چودر سرا وضرا حالت اينست ندانم كى بحق پردازى از خويش
[يعنى كى فارغ شوى از خود وبحق مشغول شوى] إِلَّا الَّذِينَ [مگر آنان كه] والاستثناء متصل صَبَرُوا على الضراء ايمانا بقضاء الله وقدره وفى الحديث (ثلاثة لا تمسهم فتنة الدنيا والآخرة المقر بالقدر والذي لا ينظر بالنجوم والمتمسك بسنتى) ومعنى الايمان بالقدر ان يعتقد ان الله تعالى قدر الخير والشر قبل خلق الخلق وان جميع الكائنات بقضائه وقدره وهو مريد لها كلها واما النظر فى النجوم فقد كان حقا فى زمن إدريس عليه السلام يدل عليه قوله تعالى خبرا عن ابراهيم عليه السلام فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ استدل بالنظر فى النجوم على انه سيسقم ثم نسخ فى زمن سليمان عليه السلام كما فى بحر الكلام وفى كتاب تعليم المتعلم علم النجوم بمنزلة المرض فتعلمه حرام لانه يضر ولا ينفع والهرب من قضاء الله تعالى وقدره غير ممكن انتهى فينبغى ان لا يصدق اهل النجوم فيما زعموا ان الاجتماعات والاتصالات الفلكية تدل على حوادث معينة وكوائن مخصوصة فى هذا العالم قال العماد الكاتب اجمع المنجمون فى سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة فى جميع البلاد

صفحة رقم 103

فَأْتُوا أنتم ايضا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ فى البلاغة وحسن النظم قال هنا بعشر وفى يونس والبقرة بسورة لان نزول هذه السورة الكريمة مقدم عليهما لانهم تحدوا اولا بالإتيان بعشر فلما عجزوا تحدوا بسورة واحدة. وقوله مثله نعت لسور اى أمثال وتوحيده باعتبار كل واحد وقال سعدى المفتى ولا يبعد ان يقال انه صفة للمضاف المقدر فان المراد بقدر عشر سور مثله والله اعلم مُفْتَرَياتٍ صفة اخرى لسور. والمعنى فائتوا بعشر سور ممائلة له فى البلاغة مختلقات من عند أنفسكم ان صح انى اختلقته من عند نفسى فانكم فصحاه مثلى تقدرون على ما اقدر عليه بل أنتم اقدر لتعلمكم القصص والاشعار وتعودكم النثر والنظم وفى الآية دلالة قاطعة على ان الله تعالى لا يشبهه شىء فى صفة الكلام وهو القرآن كما لا يشبهه بحسب ذاته وَادْعُوا للاستظهار فى المعارضة مَنِ اسْتَطَعْتُمْ دعاءه والاستعانة به من آلهتكم التي تزعمون انها ممدة لكم ومدارهكم التي تلجأون الى آرائهم فى الملمات ليسعدوكم فيها مِنْ دُونِ اللَّهِ اى حال كونكم متجاوزين الله تعالى إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى انى افتريته فان ما افترى انسان يقدر انسان آخر ان يفترى مثله فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ الضمير فى لكم للرسول عليه السلام وجمع للتعظيم اوله وللمؤمنين لانهم اتباع له عليه السلام فى الأمر بالتحدي وفيه تنبيه لطيف على ان حقهم ان لا ينفكوا عنه ويناصبوا معه لمعارضة المعاندين كما كانوا يفعلونه فى الجهاد قال سعدى المفتى اختلف فى تناول خطاب النبي عليه السلام لامته فقال الشافعية لا وقال الحنفية والحنابلة نعم الا ما دل الدليل فيه على الفرق انتهى. والمعنى فان لم يستجب هؤلاء المشركون لكم يا محمد ويا اصحاب محمد عليه السلام اى ما دعوتموهم اليه من معارضة القرآن وإتيان عشر سور مثله وتبيين عجزهم عنه بعد الاستعانة بمن استطاعوا بالاستعانة منه من دون الله تعالى فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ ما فى انما كافة وضمير انزل يرجع الى ما يوحى وبعلم الله حال اى ملتبسا بما لا يعلمه الا الله تعالى من المزايا والخواص والكيفيات وقال الكاشفى [يعنى ملتبس بعلمي كه خاصه اوست وآن علمست بمصالح عباد وآنچهـ ايشانرا بكار آيد در معاش ودر معاد] وقال فى التأويلات النجمية بِعِلْمِ اللَّهِ لا بعلم الخلق فان فيه الاخبار عما سيأتى وهو بعد فى الغيب ولا يعلم الغيب الا الله انتهى والمراد الدوام والثبات على العلم اى فدوموا ايها المؤمنون واثبتوا على العلم الذي أنتم عليه لتزدادوا يقينا وثبات قدم على انه منزل من عند الله وانه من جملة المعجزات الدالة على صدقه عليه السلام فى دعوى الرسالة وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ اى ودوموا على هذا العلم ايضا يعنى هو ينزل الوحى وليس أحد ينزل الوحى غيره لانه الا له ولا اله غيره فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ثابتون على الإسلام راسخون فيه اى فاثبتوا عليه فى زيادة الإخلاص وفى الآيات امور. منها ان الوحى على ثلاثة انواع نوع امر عليه السلام بكتمانه إذ لا يقدر على حمله غيره ونوع خير فيه ونوع امر بتبليغه الى العام والخاص من الانس والجن وهو ما يتعلق بمصالح العباد من معاشهم ومعادهم فلا يجوز تركه وان ترتب عليه مضرة وضاق به الصدر وسبيل تبليغ الرسالة هو اللسان فلا رخصة فى الترك وان خاف قال صاحب التيسير فهذا دليل قولنا فى المكره على الطلاق والعتاق ان تكلم به نفذ لان تعلق ذلك باللسان

صفحة رقم 106
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية