آيات من القرآن الكريم

فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ

﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٣) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٤) مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (١٥) ﴾.
﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ بَلْ يَقُولُونَ اخْتَلَقَهُ، ﴿قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ﴾.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ قَالَ فِي سُورَةِ يُونُسَ: " فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ "، وَقَدْ عَجَزُوا عَنْهُ فَكَيْفَ قَالَ: ﴿فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ﴾ فَهُوَ كَرَجُلٍ يَقُولُ لِآخَرَ: أَعْطِنِي دِرْهَمًا فَيَعْجَزُ، فَيَقُولُ: أَعْطِنِي عَشَرَةً؟.
الْجَوَابُ: قَدْ قيل سورة ١٧٢/ب هُودٍ نَزَلَتْ أَوَّلًا.
وَأَنْكَرَ الْمُبَرِّدُ هَذَا، وَقَالَ: بَلْ نَزَلَتْ سُورَةُ يُونُسَ أَوَّلًا وَقَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِ فِي سُورَةِ يُونُسَ: "فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ"، أَيْ: مِثْلِهُ فِي الْخَبَرِ عَنِ الْغَيْبِ وَالْأَحْكَامِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، [فَعَجَزُوا فَقَالَ لَهُمْ فِي سُورَةِ هُودٍ: إِنْ عَجَزْتُمْ عَنِ الْإِتْيَانِ بِسُورَةٍ مِثْلِهُ فِي الْأَخْبَارِ وَالْأَحْكَامِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ] (١) فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مِنْ غَيْرِ خَبَرٍ وَلَا وَعْدٍ وَلَا وَعِيدٍ، وَإِنَّمَا هِيَ مُجَرَّدُ الْبَلَاغَةِ (٢)، ﴿وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ﴾ وَاسْتَعِينُوا بِمَنِ اسْتَطَعْتُمْ، ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾.
﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ﴾ يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ. وَقِيلَ: لَفْظُهُ جَمْعٌ وَالْمُرَادُ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدَهُ. ﴿فَاعْلَمُوا﴾ قِيلَ: هَذَا خِطَابٌ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ. وَقِيلَ: مَعَ الْمُشْرِكِينَ، ﴿أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ﴾ يَعْنِي: الْقُرْآنَ. وَقِيلَ: أَنْزَلَهُ وَفِيهِ عِلْمُهُ، ﴿وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ أَيْ: فَاعْلَمُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ لَفْظُهُ اسْتِفْهَامٌ وَمَعْنَاهُ أَمْرٌ، أَيْ: أَسْلِمُوا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ أَيْ: مَنْ كَانَ يُرِيدُ بِعَمَلِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا، ﴿وَزِينَتَهَا﴾ نَزَلَتْ فِي كُلِّ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا يُرِيدُ بِهِ غَيْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (٣) ﴿نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا﴾ أَيْ: نُوفِّ لَهُمْ

(١) ما بين القوسين ساقط من "ب".
(٢) وقال ابن الزبير الغرناطي في ملاك التأويل: ١ / ٣٩ "... لما قيل هنا: مفتريات، فوسع عليهم، ناسبه التوسعة في العدد المطلوب؛ لأن الكلام المفترى أسهل فناسبته التوسعة. أما الوارد في السورتين قبلُ -سورة البقرة الآية ٢٣، وسورة يونس الآية ٣٨- فلم يذكر لهم فيهما أن يكون مفترى عليه، بل السابق من الآيتين: المماثلة مطلقا، وذلك أصعب وأشق عليهم مع عجزهم في كل حال، فوقع الطلب حيث التضييق بسورة واحدة، وحيث التوسعة بعشر سور مناسبة جليلة واضحة وقد جاوب بما هذا معناه وبعضُ المفسرين". وانظر: الكشاف: ١ / ٤٨-٥٠.
(٣) وهذا مروي بسند صحيح عن سعيد بن جبير في الآية، قال: "من عمل للدنيا نوفيه في الدنيا". أخرجه هناد في الزهد: ٢ / ٢٧٤، وابن أبي شيبة في المصنف: ١٣ / ٥١٩ بلفظ "وُفِّيه في الدنيا" والطبري: ١٥ / ٢٦٣. وعزاه السيوطي أيضا لابن أبي حاتم بلفظ: "هو الرجل يعمل للدنيا لا يريد به الله".

صفحة رقم 165
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية