آيات من القرآن الكريم

وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ۚ وَجَاءَكَ فِي هَٰذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ ﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮌﮍﮎ ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ

من مصدر بقاه يبقيه إذا راقبه. يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ لكن قليلاً منهم أنجيناهم لأنهم كانوا كذلك، ولا يصح اتصاله إلا إذا جعل استثناء من النفي اللازم للتحضيض. وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ ما أنعموا فيه من الشهوات واهتموا بتحصيل أسبابها وأعرضوا عما وراء ذلك. وَكانُوا مُجْرِمِينَ كافرين كأنه أراد أن يبين ما كان السبب لاستئصال الأمم السالفة، وهو فشو الظلم فيهم واتباعهم للهوى وترك النهي عن المنكرات مع الكفر، وقوله واتبع على معطوف مضمر دل عليه الكلام إذا المعنى: فلم ينهوا عن الفساد واتبع الذين ظلموا وكانوا مجرمين عطف على اتَّبَعَ أو اعترض. وقرئ «واتبع» أي وأتبعوا جزاء ما أترفوا فتكون الواو للحال، ويجوز أن تفسر به المشهورة ويعضده تقدم الإِنجاء.
وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ بشرك. وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ فيما بينهم لا يضمون إلى شركهم فساداً وتباغياً، وذلك لفرط رحمته ومسامحته في حقوقه ومن ذلك قدم الفقهاء عند تزاحم الحقوق حقوق العباد. وقيل الملك يبقى مع الشرك ولا يبقى مع الظلم.
[سورة هود (١١) : الآيات ١١٨ الى ١١٩]
وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١١٩)
وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً مسلمين كلهم، وهو دليل ظاهر على أن الأمر غير الإِرادة وأنه تعالى لم يرد الإِيمان من كل أحد وأن ما أراده يجب وقوعه. وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ بعضهم على الحق وبعضهم على الباطل لا تكاد تجد اثنين يتفقان مطلقاً.
إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ إلا ناساً هداهم الله من فضله فاتفقوا على ما هو أصول دين الحق والعمدة فيه.
وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ إن كان الضمير ل النَّاسِ فالإِشارة إلى الاختلاف، واللام للعاقبة أو إليه وإلى الرحمة، وإن كان لمن فإلى الرحمة. وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ وعيد أو قوله للملائكة. لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أي من عصاتهما أَجْمَعِينَ أو منهما أجمعين لا من أحدهما.
[سورة هود (١١) : آية ١٢٠]
وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (١٢٠)
وَكُلًّا وكل نبأ. نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ نخبرك به. مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ بيان لكلا أو بدل منه، وفائدته التنبيه على المقصود من الاقتصاص وهو زيادة يقينه وطمأنينة قلبه وثبات نفسه على أداء الرسالة واحتمال أذى الكفار، أو مفعول وَكُلًّا منصوب على المصدر بمعنى كل نوع من أنواع الاقتصاص نقص عليك ما نثبت به فؤادك من أنباء الرسل. وَجاءَكَ فِي هذِهِ السورة أو الأنباء المقتصة عليك. الْحَقُّ ما هو حق. وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ إشارة إلى سائر فوائده العامة.
[سورة هود (١١) : الآيات ١٢١ الى ١٢٢]
وَقُلْ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ (١٢١) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (١٢٢)
وَقُلْ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ على حالكم. إِنَّا عامِلُونَ على حالنا.
وَانْتَظِرُوا بنا الدوائر. إِنَّا مُنْتَظِرُونَ أن ينزل بكم نحو ما نزل على أمثالكم.
[سورة هود (١١) : آية ١٢٣]
وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٢٣)

صفحة رقم 152

وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ خاصة لا يخفى عليه خافية مما فيهما. وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فيرجع لا محالة أمرهم وأمرك إليه. وقرأ نافع وحفص يُرْجَعُ على البناء للمفعول. فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ فإنه كافيك. وفي تقديم الأمر بالعبادة على التوكل تنبيه على أنه إنما ينفع العابد. وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ أنت وهم فيجازي كلاً ما يستحقه. وقرأ نافع وابن عامر وحفص بالياء هنا وفي آخر «النمل».
عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من قرأ سورة هود أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق بنوح ومن كذب به وهود وصالح وشعيب ولوط وإبراهيم وموسى وكان يوم القيامة من السعداء إن شاء الله تعالى».

صفحة رقم 153
أنوار التنزيل وأسرار التأويل
عرض الكتاب
المؤلف
ناصر الدين أبو سعيد عبد الله بن عمر بن محمد الشيرازي البيضاوي
تحقيق
محمد عبد الرحمن المرعشلي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
الطبعة
الأولى - 1418 ه
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية