
﴿ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون﴾ قوله عز وجل: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيهِمْءَآيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ﴾ يعني آيات القرآن التي هي تبيان كل شيء. ﴿قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقآءَنَا﴾ يعني مشركي أهل مكة. ﴿ائتِ بِقُرْءَانٍ غَيْرِ هَذَآ أَوْ بَدِّلْهُ﴾ والفرق بين تبديله والإتيان بغيره أن تبديله لا
صفحة رقم 426
يجوز أن يكون معه، والإتيان بغيره قد يجوز أن يكون معه. وفي قولهم ذلك ثلاثة أوجه: أحدها: أنهم سألوه الوعد وعيداً، والوعيد وعداً، والحلال حراماً، والحرام حلالاً، قاله ابن جرير الطبري. الثاني: أنهم سألوه أن يسقط ما في القرآن من عيب آلهتهم وتسفيه أحلامهم، قاله ابن عيسى. الثالث: أنه سألوه إسقاط ما فيه من ذكر البعث والنشور، قاله الزجاج. ﴿قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءي نَفْسِي﴾ أي ليس لي أن أتلقاه بالتبديل والتغيير كما ليس لي أَن أتلقاه بالرد والتكذيب. ﴿إِنْ أَتَّبعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾ فيما أتلوه عليكم من وعد ووعيد وتحليل وتحريم أو أمر أو نهي. ﴿إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي﴾ في تبديله وتغييره. ﴿عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ يعني يوم القيامة. قوله عز وجل: ﴿قُل لَّوْ شَآءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ﴾ يعني القرآن: ﴿وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: ولا أعلمكم به، قاله ابن عباس. الثاني: ولا أنذركم به، قاله شهر بن حوشب. الثالث: ولا أشعركم به، قاله قتادة. ﴿فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ﴾ فيه وجهان: أحدهما: أنه أراد ما تقدم من عمره قبل الوحي إليه لأن عمر الإنسان مدة حياته طالت أو قصرت. الثاني: أنه أربعون سنة، لأن النبي ﷺ بعث بعد الأربعين وهو المطلق من عمر الإنسان، قاله قتادة. ﴿أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾ أني لم أدَّع ذلك بعد أن لبثت فيكم عمراً حتى أُوحِي إليّ، ولو كنت افتريته لقدمته.
صفحة رقم 427