آيات من القرآن الكريم

وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَسَّهُ ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚ ﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ

بِالْخَيْرِ، أَيْ: كَمَا يُحِبُّونَ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ، ﴿لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾ قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَيَعْقُوبُ: "لَقَضَى" بِفَتْحِ الْقَافِ وَالضَّادِ، ﴿أَجَلَهُمْ﴾ نُصِبَ، أَيْ: لَأَهْلَكَ مَنْ دَعَا عَلَيْهِ وَأَمَاتَهُ. وَقَالَ الْآخَرُونَ: "لَقُضِيَ" بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الضَّادِ "أَجَلُهُمْ" رُفِعَ، أَيْ: لَفَرَغَ مِنْ هَلَاكِهِمْ وَمَاتُوا جَمِيعًا.
وَقِيلَ: إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ حِينَ قَالَ: " اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ " (١) الْآيَةَ (الْأَنْفَالِ -٣٢) يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا﴾ لَا يَخَافُونَ الْبَعْثَ وَالْحِسَابَ، ﴿فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّلَاحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَشْرَانِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الزِّيَادِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي اتَّخَذْتُ عِنْدَكَ عَهْدًا لَنْ تُخْلِفَنِيهْ، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَيَصْدُرُ مِنِّي مَا يَصْدُرُ مِنَ الْبَشَرِ، فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ آذَيْتُهُ، أَوْ شَتَمْتُهُ، أَوْ جَلَدْتُهُ، أَوْ لَعَنْتُهُ فَاجْعَلْهَا لَهُ صَلَاةً وَزَكَاةً وَقُرْبَةً، تُقَرِّبُهُ بِهَا إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (٢).
﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٢) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (١٣) ﴾.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ﴾ الْجَهْدُ وَالشِّدَّةُ، ﴿دَعَانَا لِجَنْبِهِ﴾ أَيْ: عَلَى جَنْبِهِ مُضْطَجِعًا، ﴿أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا﴾ يُرِيدُ فِي جَمِيعِ حَالَاتِهِ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَعْدُو إِحْدَى هَذِهِ الْحَالَاتِ. ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا﴾ دَفَعْنَا ﴿عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ﴾ أَيِ اسْتَمَرَّ عَلَى طَرِيقَتِهِ الْأُولَى قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهُ الضُّرُّ، وَنَسِيَ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الْجَهْدِ وَالْبَلَاءِ، كَأَنَّهُ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ أَيْ: لَمْ يَطْلُبْ مِنَّا كَشْفَ ضُرٍّ مَسَّهُ. ﴿كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ﴾ الْمُجَاوِزِينَ الْحَدَّ فِي الْكُفْرِ وَالْمَعْصِيَةِ، ﴿مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ مِنَ الْعِصْيَانِ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ مِنَ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْبَلَاءِ وَتَرَكِ الشُّكْرِ عِنْدَ الرَّخَاءِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ كَمَا زَيَّنَ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ زَيَّنَ لِلْمُسْرِفِينَ الَّذِينَ كَانُوا مَنْ قَبِلَكُمْ أَعْمَالَهُمْ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا﴾ أَشْرَكُوا، ﴿وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ﴾

(١) انظر: المحرر الوجيز: ٧ / ١١٣.
(٢) أخرجه البخاري في الدعوات، باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة": ١١ / ١٧١، ومسلم في البر والصلة، باب من لعنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو سبه... برقم (٢٦٠١) : ٤ / ٢٠٠٨، والمصنف في شرح السنة: ٥ / ٨.

صفحة رقم 124
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية