
لَمْ يَلْقَ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَرَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها وَقَفَ ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، وَخَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا».
[حَدِيثٌ آخَرُ] قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ الْمَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُمَوِيُّ، حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْغِفَارِيُّ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم يقرأ فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها» قَالَ «اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا» لَمْ يُخَرِّجُوهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «١» : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ صَالِحِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا فَقَدَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَضْجَعِهِ فَلَمَسَتْهُ بِيَدِهَا فَوَقَعَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ سَاجِدٌ وَهُوَ يَقُولُ «رَبِّ أَعْطِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا» تَفَرَّدَ بِهِ.
[حَدِيثٌ آخَرُ] قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٢» : حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْهَرَمِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ. اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ. وَعِلْمٍ لَا يَنْفَعُ وَدَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا» قَالَ زَيْدٌ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَاهُنَّ ونحن نعلمكموهن «٣»، رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ عاصم الأحول، عن عبد الله بن الحارث وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ به.
[سورة الشمس (٩١) : الآيات ١١ الى ١٥]
كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها (١١) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها (١٢) فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ناقَةَ اللَّهِ وَسُقْياها (١٣) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها (١٤) وَلا يَخافُ عُقْباها (١٥)
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ ثَمُودَ أَنَّهُمْ كَذَّبُوا رَسُولَهُمْ بِسَبَبِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الطُّغْيَانِ وَالْبَغْيِ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: بِطَغْواها أَيْ بِأَجْمَعِهَا، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا، فَأَعْقَبَهُمْ ذَلِكَ تَكْذِيبًا فِي قُلُوبِهِمْ بِمَا جاءهم به رسولهم عليه الصلاة والسّلام مِنَ الْهُدَى وَالْيَقِينِ إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها أَيْ أشقى القبيلة وهو قِدَارُ بْنُ سَالِفٍ عَاقِرُ النَّاقَةِ، وَهُوَ أُحَيْمِرُ ثمود، وهو الذي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ [القمر: ٢٩] الآية. وكان هذا الرجل عزيزا
(٢) المسند ٤/ ٣٧١.
(٣) أخرجه مسلم في الذكر حديث ٧٣.

فِيهِمْ شَرِيفًا فِي قَوْمِهِ نَسِيبًا رَئِيسًا مُطَاعًا، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «١» : حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ النَّاقَةَ وَذَكَرَ الَّذِي عَقَرَهَا فَقَالَ: «إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَارِمٌ عَزِيزٌ مَنِيعٌ فِي رَهْطِهِ مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ» «٢» وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّفْسِيرِ وَمُسْلِمٌ فِي صِفَةِ النَّارِ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ فِي التَّفْسِيرِ من سننيهما، وكذا ابن جرير «٣» وابن أبي حاتم عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خُثَيْمٍ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلِيٍّ: «أَلَا أُحَدِّثُكَ بِأَشْقَى النَّاسِ؟» قَالَ: بَلَى. قَالَ: «رَجُلَانِ أُحَيْمِرُ ثَمُودَ الَّذِي عَقَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي يَضْرِبُكَ يَا عَلِيُّ عَلَى هَذَا- يَعْنِي قَرْنَهُ- حَتَّى تَبْتَلَّ منه هذه» يعني لحيته.
وقوله تعالى: فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ يَعْنِي صَالِحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ ناقَةَ اللَّهِ أَيِ احْذَرُوا نَاقَةَ اللَّهِ أَنْ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ وَسُقْياها أَيْ لَا تَعْتَدُوا عَلَيْهَا فِي سُقْيَاهَا فَإِنَّ لَهَا شِرْبُ يَوْمٍ ولكم شرب يوم معلوم، قال الله تعالى: فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها أَيْ كَذَّبُوهُ فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ فَأَعْقَبَهُمْ ذَلِكَ أَنْ عَقَرُوا النَّاقَةَ الَّتِي أَخْرَجَهَا اللَّهُ مِنَ الصَّخْرَةِ آيَةً لَهُمْ وَحُجَّةً عَلَيْهِمْ فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ أَيْ غَضِبَ عَلَيْهِمْ فَدَمَّرَ عَلَيْهِمْ فَسَوَّاها أَيْ فَجَعَلَ الْعُقُوبَةَ نَازِلَةً عَلَيْهِمْ عَلَى السَّوَاءِ.
قَالَ قَتَادَةُ: بَلَغَنَا أَنَّ أحيمر ثمود لم يعقر الناقة حتى بايعه صغيرهم وكبيرهم وأنثاهم وذكرهم، فَلَمَّا اشْتَرَكَ الْقَوْمُ فِي عَقْرِهَا دَمْدَمَ اللَّهُ عليهم بذنبهم فسواها. وقوله تعالى:
وَلا يَخافُ وَقُرِئَ فَلَا يَخَافُ عُقْباها قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا يَخَافُ اللَّهُ مِنْ أَحَدٍ تَبِعَةً، وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ: وَلا يَخافُ عُقْباها أَيْ لَمْ يَخَفِ الَّذِي عَقَرَهَا عَاقِبَةَ ما صنع، والقول الأول أولى لدلالة لسياق عليه والله أعلم. آخر تفسير سورة والشمس وضحاها، ولله الحمد والمنة.
تَفْسِيرُ
سُورَةِ اللَّيْلِ
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِمُعَاذٍ: «فَهَلَّا صَلَّيْتَ بِ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى [الأعلى:
(٢) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٩١، باب ١، ومسلم في الجنة حديث ٤٩، والترمذي في تفسير سورة ٩١.
(٣) تفسير الطبري ١٢/ ٦٠٥.