آيات من القرآن الكريم

الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
ﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻ

ثم تردون بعد هذا كله إلى عالم الغيب والشهادة، الذي يعلم السر وأخفى، فينبئكم ويجازيكم على أعمالكم وسرائركم.
والنفاق أخو الكذب. لذلك تراهم يؤكدون اعتذارهم بالأيمان الكاذبة إذا رجعتم إليهم، يفعلون هذا لتعرضوا عنهم، وتصفحوا فلا توبخوهم، ولا تؤنبوهم على قعودهم مع الخوالف من النساء والصبيان فأعرضوا عنهم إعراض إهانة واحتقار، لا إعراض صفح وأعذار وذلك لأنهم رجس وقذارة، وأعمالهم دنس ووساخة، ومأواهم جهنم، جزاء بما كانوا يكسبون.
وهم لجهلهم بحقيقة أنفسهم وما عملوا، ولعدم إدراكهم الأمور على وجهها الصحيح لم يقنعوا بالإعراض عنهم، بل يحلفون لكم أحرج الأيمان لترضوا عنهم، وتعاملوهم كما كنتم أولا، كان جل همهم معاملتكم أنتم يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ
«١» ولقد صدق الله لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ «٢» ولو كان هؤلاء مؤمنين حقا لكان منتهى همهم إرضاء الله ورسوله، وإذا كان هذا شأنهم فإن ترضوا عنهم فرضا وقد أعلمكم الله حالهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين عن أمره الخارجين عن دينه، وهؤلاء قد خرجوا عن أمره ودينه فاستحقوا هذا الجزاء من الله.
كيف كان الأعراب [سورة التوبة (٩) : الآيات ٩٧ الى ٩٩]
الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٩٧) وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٩٨) وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩٩)

(١) سورة النساء الآية ١٠٨.
(٢) سورة الحشر الآية ١٣.

صفحة رقم 5

المفردات:
الْأَعْرابُ اسم جنس للعرب الذين يسكنون البوادي أى: الصحارى، والعرب: اسم جنس لسكان البدو والحضر وَأَجْدَرُ أى: أحق مَغْرَماً غرامة خسرانا لازما الدَّوائِرَ جمع دائرة وهي ما تحيط بالإنسان والمراد بها ما لا محيص عنه من مصائب الدهر دائِرَةُ السَّوْءِ أى: دائرة الضر والشر والمراد الدائرة السوءى.
هذا بيان لحال المنافقين من سكان البوادي بعد بيان حالهم من سكان المدن والحضر.
المعنى:
الأعراب أشد كفرا ونفاقا من غيرهم سكان المدينة لأنهم أغلظ طبعا وأقسى قلبا، وهذا طبع سكان الصحارى من الأمم لكثرة اختلاطهم بالحيوان، ورعيهم للأنعام، وهذا حكم مسلم.
وهم أجدر وأحق من سكان المدن ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله من آيات بينات، إذ لم يباشروا الرسول صلّى الله عليه وسلّم وهو يطبق النظريات القرآنية العلمية بعمله وشرحه وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ «١» وليس هذا طعنا في ملكتهم اللغوية أو مقدرتهم العقلية ولكنه نقص في التطبيق العملي والله عليم بخلقه، حكيم في حكمه وشرعه- سبحانه وتعالى-.
ومن الأعراب من يتخذ لنفسه ويختار ما ينفقه على أنه مغرم وغرامة لازمة، لا يرجون ثوابا ولا يأملون خيرا بل ينفقون للرياء والسمعة وطمعا في التقرب من المسلمين

(١) سورة النحل الآية ٤٤.

صفحة رقم 6
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية