آيات من القرآن الكريم

فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَىٰ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا ۖ إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ
ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭ

فأرسل إليه النبي ﷺ، أحد ثوبيه، فقال: إنما أريد الذي على جلدك من ثيابك، فبعث إليه به، فقيل للنبي ﷺ، في ذلك، فقال: " إن قميصي لن يغني عنه من الله شيئاً إذا كُفِّن فيه، وإني آمل أن يدخل في الإسلام خلق كثير بهذا السبب ".
فَرُوِيَ أنه أسلم ألف من الخزرج لما رأوه يطلب الاستشفاء بثوب النبي، عليه السلام.
وكان عبد الله هذا رأس المنافقين وسيِّدَهُم.
قوله: ﴿فَرِحَ المخلفون بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ الله﴾، إلى قوله: ﴿مَعَ الخالفين﴾.
﴿خِلاَفَ رَسُولِ الله﴾: مفعول من أجله، أو مصدر مطلق.

صفحة رقم 3084

والمعنى: فرح الذين تخلفوا عن الغزو مع رسول الله عليه السلام، بجلوسهم في منازلهم، على الخلاف منهم لرسول الله عليه السلام، لأنه أمرهم بالخروج معه فتخلفوا عنه، وفرحوا بتخلفهم، وكرهوا الخروج في الحر.
وذلك أن النبي ﷺ، استنفرهم في غزوة تبوك في حر شديد، فقال بعضهم لبعض: ﴿لاَ تَنفِرُواْ فِي الحر﴾، قال الله تعالى، لنبيه عليه السلام ﴿قُلْ﴾ لهم: ﴿نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً﴾، لمن خالف أمر الله، وعصى رسوله، عليه السلام من هذا الحر الذي تتواصون به بينكم أن لا تنفروا فيه، فالذي هو أشد حراً، يجب أن يتقي ﴿لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ﴾، عن الله عز جل، وَعْظَه.
وكان عدة من تخلف عن الخروج مع النبي عليه السلام، في غزوة تبوك من المنافقين نيفاً وثمانين رجلاً.

صفحة رقم 3085

ثم قال تعالى: ﴿فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً﴾.
أي: [في] هذه الدنيا الفانية، / ﴿وَلْيَبْكُواْ/ كَثِيراً﴾، في جهنم ﴿جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾، من التخلف عن رسول الله ﷺ، ومعصيته.
قال النبي عليه السلام: " والذي نفسي بيده، لو تعلمون ما أعلم لَضَحِكْتُمْ قليلاً، ولبكتيم كثيراً ".
وروي أن النبي ﷺ نودي عند ذلك، أو قيل له: لا تُقَنِّط عبادي.
قال ابن عباس: الدنيا قليل، فليضحكوا فيها ما شاءوا، فإذا انقطعت الدنيا، استأنفوا بكاء لا ينقطع عنهم أبداً.

صفحة رقم 3086

ثم قال تعالى لنبيه عليه السلام: ﴿فَإِن رَّجَعَكَ الله إلى طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فاستأذنوك لِلْخُرُوجِ﴾.
أي: إن ردَّك الله من غزوتك إلى المنافقين، فاستأذنوك للخروج معك في غزوة أخرى، ﴿فَقُلْ لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بالقعود أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾، أي: في غزوة تبوك، ﴿فاقعدوا مَعَ الخالفين﴾، [أي: مع الذين] قعدوا من المنافقين خلاف رسول الله ﷺ، لأنكم منهم.
قال ابن عباس: تخلف عن رسول الله ﷺ، رجال في غزوة تبوك فأدركتهم أنفسهم، فقالوا: والله ما صنعنا شيئاً، فانطلق منهم ثلاثة نفرة، فلحقوا رسول الله ﷺ فلما أتوه تابوا، ثم رجعوا إلى المدينة فأنزل الله، تعالى، ﴿ فَإِن رَّجَعَكَ الله إلى طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ﴾، الآية. فقال النبي عليه السلام: " هلك الذين تخلفوا "، فأنزل الله تعالى، عذرهم لما تابوا فقال: ﴿لَقَدْ تَابَ الله على النبي والمهاجرين والأنصار﴾، إلى قوله: ﴿إِنَّ الله هُوَ التواب الرحيم﴾ [التوبة: ١١٧ - ١١٨].
وقال قتادة ﴿مَعَ الخالفين﴾، مع النساء.

صفحة رقم 3087

وكانوا اثني عشر رجلاً من المنافقين.
وقال ابن عباس " الخالفون ": الرجال.
ومعناه: اقعدوا مع مرضى الرجال وأهل الزَّمَانة والضعفاء.
وقيل: " الخالفون ": الرجال الضعفاء والنساء، وغلَّب المذكر على الأصول العربية.

صفحة رقم 3088
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية