
يا ربنا أي شيء تزيدنا؟ فيقول رضواني فلا أسخط عليكم أبدا» «١».
جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ جهاد الكفار بالسيف، وجهاد المنافقين باللسان ما لم يظهر ما يدل على كفرهم، فإن ظهر منهم ذلك فحكمهم كحكم الزنديق، وقد اختلف هل يقتل أم لا وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ الغلظة ضد الرحمة والرأفة، وقد تكون بالقول والفعل وغير ذلك يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا نزلت في الجلاس بن سويد، فإنه قال: إن كان ما يقول محمد حقا فنحن شر من الحمير، فبلغ ذلك النبي صلّى الله تعالى عليه واله وسلّم، فقرأه عليه فحلف أنه ما قاله وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ يعني ما تقدم من قول الجلاس لأن ذلك يقتضى التكذيب وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ لم يقل بعد إيمانهم، لأنهم كانوا يقولون بألسنتهم آمنا ولم يدخل الإيمان في قلوبهم وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا هم الجلاس بقتل من بلغ تلك الكلمة عنه، وقيل: هم بقتل النبي صلّى الله عليه وسلّم وقيل: الآية نزلت في عبد الله بن أبيّ بن سلول، وكلمة الكفر التي قالها قوله: سمن كلبك يأكلك، وهمه بما لم يناله قوله: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعز منها الأذل وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ أي ما عابوا إلا الغني الذي كان حقه أن يشكروا عليه، وذلك في الجلاس أو في عبد الله بن أبيّ فَإِنْ يَتُوبُوا فتح الله لهم باب التوبة فتاب الجلاس وحسن حاله.
وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ الآية: نزلت في ثعلبة بن حاطب، وذلك أنه قال يا رسول الله:
ادع الله أن يكثر مالي. فقال له رسول الله صلّى الله تعالى عليه وعلى اله وسلّم: قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه، فأعاد عليه حتى دعا له فكثر ماله، فتشاغل به حتى ترك الصلوات، ثم امتنع من أداء الزكاة، فنزلت فيه الآية فجاء بزكاته إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فأعرض عنه ولم يأخذها منه، وقال: إن الله أمرني أن لا آخذ زكاتك، ثم لم يأخذها منه أبو بكر ولا عمر ولا عثمان بَخِلُوا بِهِ إشارة إلى منعه الزكاة فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً عقوبة على العصيان بما هو أشد منه إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ حكم بوفاته على النفاق
الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ نزلت في المنافقين حين تصدق

عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف فقالوا: ما هذا إلا رياء. وأصل المطوعين المتطوعين، والمراد به هنا من تصدق بكثير وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ هم الذين لا يقدرون إلا على القليل فيتصدقون به، نزلت في أبي عقيل تصدق بصاع من تمر، فقال المنافقون: إن الله غنى عن صدقة هذا فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ أي يستخفون بهم سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ تسمية للعقوبة باسم الذنب اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ يحتمل معنيين. أحدهما: أن يكون لفظه أمر، ومعناه الشرط، ومعناه: إن استغفرت لهم أو لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم، كما جاء في سورة المنافقين، والآخر: أن يكون تخييرا، كأنه قال إن شئت فاستغفر لهم، وإن شئت فلا تستغفر لهم، ثم أعلمه الله أنه لا يغفر لهم، وهذا أرجح لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إن الله خيرني فاخترت، وذلك حين قال عمر: أتصلي على عبد الله بن أبيّ وقد نهاك الله عن الصلاة عليه سَبْعِينَ مَرَّةً ذكرها على وجه التمثيل للعدد الكثير فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ أي الذين خلفهم الله عن بدر وأقعدهم عنه، وفي هذا تحقير وذم لهم، ولذلك لم يقل المتخلفون بِمَقْعَدِهِمْ أي بقعودهم خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ أي بعده حين خرج إلى تبوك، فخلاف على هذا ظرف، وقيل: هو مصدر من خلف فهو على هذا مفعول من أجله وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قائل هذه المقالة رجل من بني سلمة ممن صعب عليه السفر إلى تبوك في الحر فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً أمر بمعنى الخبر فضحكهم القليل في الدنيا مدة بقائهم فيها، وبكاؤهم الكثير في الآخرة وقيل: هو بمعنى الأمر أي يجب أن يكونوا: يضحكون قليلا ويبكون كثيرا في الدنيا لما وقعوا فيه إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ إنما لم يقل إليهم، لأن منهم من تاب من النفاق وندم على التخلف لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً عقوبة لهم فيها خزي وتوبيخ أَوَّلَ مَرَّةٍ يعني في غزوة تبوك فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ أي مع القاعدين وهم النساء والصبيان وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً نزلت في شأن عبد الله بن أبي بن سلول، وصلاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليه حين مات، وروى أنه صلّى عليه فنزلت الآية، وروي أنه صلّى الله عليه وسلّم لما تقدم ليصلي عليه جاءه جبريل فجبذ ثوبه، وتلا عليه: ولا تصل على أحد منهم مات أبدا الآية، فانصرف رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم ولم يصل
صفحة رقم 344