آيات من القرآن الكريم

الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ۚ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ۗ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚ

والاثنان: طائفة، وهما وديعة بن جذام وجدُّ بن قيس، فالذي عفى عنه جهير بن حمير؛ لأنه كان ضحك معهم، ولم يستهزىء معهم، فلما نزلت هذه الآية، تاب من نفاقه، وقال: اللهم إني لا أزال أسمع آية، تقشعر منها الجلود، وتخفق منها القلوب، اللهم اجعل وفاتي قتلًا في سبيلك، لا يقول أحد: أنا غسلت، أنا كفنت، أنا دفنت، فأصيب يوم اليمامة فلم يعرف أحد من المسلمين مصرعه.
وقرأ زيد بن ثابت (١) وأبو عبد الرحمن وزيد بن علي وعاصم من السبعة: ﴿إِنْ نَعْفُ﴾ بالنون ﴿نعذب﴾ بالنون ﴿طائفة﴾ بالنصب، ولقيني شيخنا الأديب الكامل أبو الحكم، مالك بن المرحل المالقي بغرناطة، فسألني: قراءة من تقرأ اليوم على الشيخ أبي جعفر بن الطباع؟ فقلت: قراءة عاصم، فأنشدني:

لِعاصِمٍ قِرَاءَةٌ لِغَيْرِهَا مُخَالِفَهْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَهْ
وقرأ باقي السبعة ﴿إن تُعفَ عن طائفة تعذب طائفة﴾ مبنيًّا للمفعول، وقرأ الجحدري: ﴿إن يَعف﴾ ﴿يُعذب﴾ مبنيًّا للفاعل فيهما؛ أي: إن يعف الله، وقرأ مجاهد ﴿إن تعف﴾ بالتاء مبنيًّا للمفعول ﴿تعذب﴾ مبنيًّا للمفعول بالتاء أيضًا، قال ابن عطية: على تقدير إن تعف هذه الذنوب. وقال الزمخشري: الوجه التذكير؛ لأن المسند إليه الظرف، كما تقول سير بالدابة، ولا تقول: سيرت بالدابة، ولكنه ذهب إلى المعنى كأنه قيل: إن ترحم طائفة، فأنث لذلك، وهو غريب، والجيد قراءة العامة: ﴿إن يعف عن طائفة﴾ بالتذكير و ﴿تعذب طائفة﴾ بالتأنيث. انتهى.
٦٧ - ﴿الْمُنَافِقُونَ﴾ قيل (٢) كانوا ثلاث مئة ﴿وَالْمُنَافِقَاتُ﴾ وكنَّ مئة وسبعين ﴿بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾؛ أي: متشابهون في صفة النفاق والأفعال الخبيثة؛ أي: أنَّ (٣) أهل النفاق رجالًا ونساءً يتشابهون في صفاتهم وأخلاقهم وأعمالهم، كما قال تعالى في آل إبراهيم وآل عمران: ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ﴾. وقال الشاعر:
تِلْكَ العَصَا مِنْ هَذِه العُصَيَّهْ هَلْ تَلِدُ الحَيَّةُ إلَّا حَيَّهْ
(١) البحر المحيط.
(٢) المراح.
(٣) المراغي.

صفحة رقم 328
حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
محمد الأمين بن عبد الله بن يوسف بن حسن الأرمي العلوي الهرري الشافعي
راجعه
هاشم محمد علي مهدي
الناشر
دار طوق النجاة، بيروت - لبنان
سنة النشر
1421
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية