آيات من القرآن الكريم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ
ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ

ابن عرفة: هو من باب مطاوعة الفعل من التواطؤ مفاعلة، ولَا يكون إلا بين اثنين والبراءة هنا [مفعولة لَا مفاعلة*]، بقوله تعالى: (فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ) ولم يقل: فيحرموا ما أحل الله، قلت له: لأن إحلال المحرم راجع للإيمان بالفعل، والترك المحرم راجع للترك، واختلف في الترك فهل هو فعل أم لا.
قال الفخر: لَا يحسن أن يقال: من زنا وأكل الحلوى فاجلدوه؛ لأن تعليق الحكم على الوصف المناسب لَا يوجب ذما، [ولم يختلفوا*] إلا في تحليل المحرم، فلم قال: [يحرمونه عاما*]؟ فالجواب أنهم ذموا على مخالفتهم حكم الله تعالى واستنباطهم حكما لأنفسهم من تحليل المحرم، وأوقع الظاهر موقع المضمر [نعيا*] عليهم ومبالغة في ذمهم.
قوله تعالى: (زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ).
حذف الفاعل إما تحقيرا له إن كان المزين الشيطان، أو تعظيما؛ أو كان المزين الله.
قال ابن القصار: أو حذف للاهتمام حسبما ذكر البيانيون أنه إذا كان المقصود بالذات المفعولة يختص بالفاعل من اللفظ، ويكتفى بذكر المفعول إشارة إلى أنه هو الله.
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ... (٣٨)﴾
قال الزمخشري: وكانت غزوة تبوك سنة عشر.
وابن عطية: سنة تسع، والصحيح ما قال ابن عطية، وانظر ما قيد على حاشية ابن بشير في أول الجهاد.
وقال الزمخشري: حذف الفاعل من قيل لكم تحقيرا للمفعول أن يذكروا معه، وقال ابن عطية: للتغليظ عليهم.
وقال الفخر: وهل حذف قصدا لعموم النهي للمؤمنين إلى يوم القيامة.
قوله تعالى: (اثَّاقَلْتُمْ).
قال ابن عرفة: أصله تثاقلتم، قال ابن عرفة: فأدغمت التاء في الثاء واجتنبت الهمزة وصلة إلى النطق بالساكن.

صفحة رقم 306

قال أبو حيان: اثاقلتم في موضع الحال أي تتثاقلون إذا قيل لكم، وقال أبو البقاء: في موضع نصب أو خفض كالفعل الذي حذفت منه، إن مذهب سيبويه أن يكون في موضع نصب، والخليل في موضع جر؛ قاله ابن الصائغ، [والآبذي*]، وغيره، لقوله (إِلَى الأرْضِ) قال الزمخشري: قيل: المراد به الحقيقة أي ملتم إلى الإقامة بأرضكم، وقيل: المجاز أي ملتم إلى الدنيا وشهواتها.
قال ابن عرفة: تعلق الأول بكون الألف واللام للعهد، وعلى الثاني للحقيقة الماهية.
وقوله تعالى: (مِنَ الآخِرَةِ) قال أبو حيان: من بمعنى بدل؛ فهو في موضع نصب على الحال، ورده ابن عرفة: بأنه إن جعلها بمعنى بدل فلا يقرر لفظ السؤال معا ويكون المجرور متعلقا بالظاهر، قال: ومن هنا سببية وهو على حذف مضاف أي سبب ترك الآخرة، قلت: إلا لابتداء الغاية، فقال: ليس ثم ينتهي إليه وهو على حذف مضاف، والمراد بالذكر.
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ).
يؤخذ منها أن وصف الإيمان لَا ينتفي مع الكبائر [... ]، ومنها أن صيغة افعلْ للوجوب، والأصل عدم القرائن، قيل لابن عرفة: وفيها أن الأمر يقتضي الفور، ورد بأن بيان ذلك مستفاد من مادة (انفروا)، وأجيب بأنه إن أريد أن المادة تدل على الفور [**فيما بين أحرى] [... ] فمسلم ولا يدل، وإن أريد فيما بين الفعل وسببه فممنوع.
الزمخشري: غزوة تبوك سنة [عشر*]، ابن عطية: سنة تسع، ابن عرفة: هو الصحيح.
الزمخشري: وحذف الفاعل من قبل تحقير للمفعول أن يذكر معه ابن عطية تعظيما عليهم، الفخر: قصد العموم النهي إلى قيام الساعة (فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ) مخالف لقوله تعالى في سورة الرعد (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ)، وقوله تعالى: (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)

صفحة رقم 307
تفسير ابن عرفة
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن محمد ابن عرفة الورغمي التونسي المالكي
تحقيق
جلال الأسيوطي
الناشر
دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان
الطبعة
الأولى، 2008 م
عدد الأجزاء
4
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية