آيات من القرآن الكريم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ
ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ

هذا شروع في عتاب من تخلف عن رسول الله ﷺ في غزوة تبوك حين طابت الثمار والظلال في شدة الحر وحمارة القيظ، فقال تعالى :﴿ ياأيها الذين آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفروا فِي سَبِيلِ الله ﴾ أي إذا دعيتم إلى الجهاد في سبيل الله ﴿ اثاقلتم إِلَى الأرض ﴾ أي : تكاسلتم وملتم إلى المقام في الدعة والخفض وطيب الثمار ﴿ أَرَضِيتُمْ بالحياة الدنيا مِنَ الآخرة ﴾ ؟ أي ما لكم فعلتم هكذا رضاً منكم بالدنيا بدلاً من الآخرة؛ ثم زهَّد تبارك وتعالى في الدنيا، ورغب في الآخرة فقال :﴿ فَمَا مَتَاعُ الحياة الدنيا فِي الآخرة إِلاَّ قَلِيلٌ ﴾، كما قال رسول الله ﷺ :« ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم أصبعه هذه في اليم فلينظر بما ترجع »، وأشار بالسبابة. وقال الأعمش ﴿ فَمَا مَتَاعُ الحياة الدنيا فِي الآخرة إِلاَّ قَلِيلٌ ﴾ قال : كزاد الراكب، وقال عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه : لما حضرت عبد العزيز بن مروان الوفاة، قال : ائتوني بكفني الذي أكفن فيه أنظر إليه، فلما وضع بين يديه نظر إليه فقال : أما لي من كبير ما أخلف من الدنيا إلا هذا؟ ثم ولى ظهره فبكى، وهو يقول : أف لك من دار إن كان كثيرك لقليل، وإن كان قليلك لقصير، وإن كنا منك لفي غرور. ثم توعد تعالى من ترك الجهاد فقال :﴿ إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً ﴾ قال ابن عباس : استنفر رسول الله ﷺ حياً من العرب فتثاقلوا عنه فأمسك الله عنهم القطر فكان عذابهم ﴿ وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ﴾ : أي لنصرة نبيه وإقامة دنيه كما قال تعالى :﴿ وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يكونوا أَمْثَالَكُم ﴾ [ محمد : ٣٨ ] ﴿ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً ﴾ : أي ولا تضروا الله شيئاً بتوليكم عن الجهاد، ونكولكم وتثاقلكم عنه ﴿ والله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ أي قادر على الانصار من الأعداء بدونكم.

صفحة رقم 1036
تيسير العلي القدير لاختصار تفسير ابن كثير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد نسيب بن عبد الرزاق بن محيي الدين الرفاعي الحلبي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية