آيات من القرآن الكريم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ
ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ

من الحرم] (١) لئلا تكون الحرم أكثر من الأربعة كما حرم الله، فتكون موافقة للعدد، فذلك المواطأة (٢). وقال الزجاج: يجعلون صفرًا كالمحرم في العدد، ويقولون: إن هذه أربعة (٣) بمنزلة أربعة (٤)، وقال الفراء: يقول (٥): لا يخرجون من تحريم أربعة أشهر (٦) (٧).
وقوله تعالى: ﴿زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ﴾، قال ابن عباس والحسن: يريد، زين لهم الشيطان هذا (٨).
وقوله (٩): ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾، قال: يريد: لا يرشد كل كفار أثيم.
٣٨ - قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ الآية، أجمع المفسرون على أن هذه الآية حثٌ لمن تثاقل عن غزوة تبوك، وذلك كان في زمان (١٠) عسرة من الناس، وجدب من البلاد، وشدة من الحر، حين أخرفت النخل، وطابت الثمار، فعظم ذلك على الناس وشق عليهم الخروج إلى القتال، فأنزل الله هذه الآية (١١) يحرض

(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).
(٢) انظر: قول مؤرج في "تفسير الثعلبي" ٦/ ١٠٨ أ.
(٣) في (ي): (الأربعة)، وما أثبته موافق لما في "معاني القرآن وإعرابه".
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٤٧.
(٥) في (ي): (يقولون)، وما أثبته موافق لما في "معاني القرآن".
(٦) ساقط من (م).
(٧) "معاني القرآن" ١/ ٤٣٧.
(٨) انظر: "تفسير البغوي" ٤/ ٤٧، والرازي ١٦/ ٥٨، و"الوسيط" ٢/ ٤٩٥.
(٩) من (م).
(١٠) في (ي). (زمن)، وأثبت ما في (ح) و (م) لموافقته لـ"الوسيط" و"تفسير الثعلبي".
(١١) ساقط من (ج).

صفحة رقم 430

أولياءه على ذلك (١)، وقوله تعالى: ﴿مَا لَكُمْ﴾ استفهام معناه التوبيخ، كقولك لمن تستبطئه في أمر: مالك متباطئًا عن هذا الأمر؟!.
وقوله تعالى: ﴿إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا﴾ يقال: استنفر الإمام الناس لجهاد (٢) العدو (٣) فنفروا ينفرون نفرًا ونفيرًا: إذا حثهم ودعاهم إليه، ومنه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وإذا استنفرتم فانفروا" (٤)، وأصل النفر: الخروج إلى مكان لأمر هاج عليه (٥)، واسم ذلك القوم الذين يخرجون: النفير، ومنه قولهم: فلان لا في العير ولا في النفير (٦).

(١) انظر: "تفسير ابن جرير" ١٠/ ١٣٣، وابن أبي حاتم ٦/ ١٧٩٦، والسمرقندي ٢/ ٤٩، والثعلبي ٦/ ١٠٨أ، والبغوي ٤/ ٤٨، و"أسباب النزول" ص٢٥٠ - ٢٥١، و"الوسيط" للمؤلف ٢/ ٤٩٥، وذكر الزجاج أيضًا إجماع المفسرين على ذلك، انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٤٧.
(٢) في (ي): (للجهاد).
(٣) ساقطة من (ي).
(٤) رواه البخاري (٢٨٢٥) في عدة مواضع، منها كتاب: الجهاد، باب: وجوب النفير، ورواه مسلم (١٣٥٣)، كتاب: الإمارة، باب: تحريم رجوع المهاجر إلى استيطان وطنه، والنسائي في "سننه" كتاب: البيعة، باب: ذكر الاختلاف في انقطاع الهجرة ٧/ ١٤٦، والترمذي (١٥٩٠) كتاب: السير، باب: ما جاء في الهجرة، وأبو داود (١٤٧٩) كتاب: الجهاد، باب: الهجرة هل انقطعت، وأحمد في "المسند" ١/ ٢٢٦.
(٥) عبارة الطبري ١٠/ ١٣٣: لأمر هاجه على ذلك، وعبارة "الوسيط" ٢/ ٤٩٦: لأمر أوجب الخروج.
(٦) قال الأزهري: قيل هذا المثل لقريش من بين العرب، وذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما هاجر إلى المدينة، ونهض منها ليلقى عير قريش سمع مشركو قريش بذلك فنهضوا ولقوه ببدر ليأمن عيرهم المقبل من الشام مع أبي سفيان، فكان من أمرهم بما كان، ولم يكن تخلف عن العير والقتال إلا زمن أو من لا خير فيه، فكانوا يقولون لمن لا =

صفحة رقم 431

وقوله تعالى: ﴿اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ﴾، قال ابن عباس: يريد أحببتم المقام (١)، وقال الزجاج: معناه تثاقلتم إلى الإقامة بأرضكم، قال: ويجوز: اثاقلتم إلى شهوات الدنيا (٢)، وهذا نحو قوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ﴾ [الأعراف: ١٧٦] وقد مر.
واثاقلتم: أصله: تثاقلتم [ومعناه: تباطأتم] (٣)، وهو نحو قوله: ﴿فَادَّارَأْتُمْ﴾ [البقرة: ٧٢] و ﴿اطَّيَّرْنَا﴾ [النمل: ٤٧] وقد مرّ.
وقوله تعالى: ﴿أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ﴾، قال ابن عباس: يريد: قدّمتم الدنيا على الآخرة (٤) يريد بالآخرة الجنّة، قال الزجاج: "أي رضيتم بنعيم الحياة الدنيا من نعيم الآخرة، وقال أبو علي الفارسي: المعنى (٥): أرضيتم بالحياة الدنيا بدلاً من الآخرة، كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ﴾ (٦) أي بدلاً منكم (٧).
قال الراعي:

= يستصلحونه لمهم: فلان لا في العير ولا في النفير، فالعير من كان منهم مع أبي سفيان، والنفير: من كان منهم مع عتبة بن ربيعة قائدهم يوم بدر. "تهذيب اللغة" (نفر) ٤/ ٣٦٢٨.
(١) "تنوير المقالة" ص ١٩٣ بمعناه.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٤٧.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ح).
(٤) ذكره المؤلف في "الوسيط" ٢/ ٤٩٦.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٤٧.
(٦) ساقط من (ح).
(٧) "الحجة للقراء السبعة" ٢/ ٢٤.

صفحة رقم 432
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية