آيات من القرآن الكريم

وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ
ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ

قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقَالَت الْيَهُود عُزَيْر ابْن الله﴾ هَذَا فِي قوم بأعيانهم كَانُوا بِالْمَدِينَةِ أفناهم السَّيْف، مِنْهُم: سَلام بن مشْكم، وَمَالك بن " الضَّيْف "، وفنحاص الْيَهُودِيّ، وَأما الْآن فَلَا يَقُول مِنْهُم أحد هَذَا. وَيُقَال: إِن الْقَائِلين لهَذِهِ الْمقَالة قوم من سلفهم ومتقدميهم.
وَكَانَ السَّبَب فِي ذَلِك أَن الْيَهُود لما بدلُوا وخالفوا شَرِيعَة التَّوْرَاة نسخ الله تَعَالَى التَّوْرَاة من صُدُورهمْ، فَخرج عُزَيْر يسيح فِي الأَرْض يطْلب الْعلم، فَلَقِيَهُ جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - فَعلمه التَّوْرَاة. وَرُوِيَ أَنه نزل نور فَدخل جَوْفه فَقَرَأَ التَّوْرَاة عَن ظهر قلبه، فَرجع وأملى التَّوْرَاة على الْيَهُود، فَقَالَ جمَاعَة مِنْهُم هَذِه الْمقَالة يَعْنِي: عُزَيْر ابْن الله.
﴿وَقَالَت النَّصَارَى الْمَسِيح ابْن الله﴾ هم على ذَلِك الْآن.
قَوْله: ﴿ذَلِك قَوْلهم بأفواههم﴾ فَإِن قَالَ قَائِل: الْإِنْسَان لَا يَقُول قولا إِلَّا بفمه، فَكيف يكون معنى هَذَا الْكَلَام؟
الْجَواب: أَن مَعْنَاهُ: أَنهم قَالُوا هَذَا القَوْل بِلَا حجَّة وَلَا بَيَان وَلَا برهَان، وَإِنَّمَا كَانَ مُجَرّد قَول بِلَا أصل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يضاهئون﴾ قرئَ بقراءتين، و ﴿يضاهئون﴾ يَعْنِي: يشابهون، والمضاهاة: المشابهة والمماثلة، تَقول الْعَرَب: امْرَأَة ضهياء إِذا كَانَت لَا تحيض، فَهِيَ تشبه الرِّجَال.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَول الَّذين كفرُوا من قبل﴾ فِيهِ مَعْنيانِ:
أَحدهمَا: قَول الَّذين أشركوا من قبل؛ فَإِن الْمُشْركين كَانُوا يَقُولُونَ: مَنَاة وَاللات والعزى بَنَات الله.

صفحة رقم 302

﴿ذَلِك قَوْلهم بأفواههم يضاهئون قَول الَّذين كفرُوا من قبل قَاتلهم الله أَنى يؤفكون (٣٠) اتَّخذُوا أَحْبَارهم وَرُهْبَانهمْ أَرْبَابًا من دون الله والمسيح ابْن مَرْيَم وَمَا أمروا﴾
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن النَّصَارَى قَالُوا فِي الْمَسِيح مَا قَالَت الْيَهُود فِي عُزَيْر، فَهَذَا معنى قَوْله: ﴿يضاهئون قَول الَّذين كفرُوا من قبل﴾.
﴿قَاتلهم الله﴾ قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: لعنهم الله، وَقيل: قَتلهمْ الله، كَمَا تَقول الْعَرَب: عافاه الله، أَي: أَعْفَاهُ الله.
وَفِيه قَول ثَالِث: أَن هَذِه كلمة تعجب، قَالَ الشَّاعِر:

(فيا قَاتل الله ليلى كَيفَ تعجبنى وَأخْبر النَّاس أَنى لَا أباليها)
وَلَيْسَ الْمَعْنى تَحْقِيق الْمُقَاتلَة؛ وَلكنه كلمة تعجب.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَنى يؤفكون﴾ مَعْنَاهُ: أَنى يصرفون، يُقَال: أَرض مأفوكة إِذا صرف عَنْهَا الْمَطَر، وَقَول مأفوك إِذا كَانَ مصروفا عَن الْحق.

صفحة رقم 303
تفسير السمعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني الشافعي
تحقيق
ياسر بن إبراهيم
الناشر
دار الوطن، الرياض - السعودية
سنة النشر
1418 - 1997
الطبعة
الأولى، 1418ه- 1997م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية