آيات من القرآن الكريم

لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ
ﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚ ﱿ ﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬ

الرسول صلّى الله عليه وسلّم ونفسه الكريمة [سورة التوبة (٩) : الآيات ١٢٨ الى ١٢٩]
لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (١٢٨) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (١٢٩)
المفردات:
عَزِيزٌ عَلَيْهِ يقال: عز على فلان الأمر واشتد عليه ما عَنِتُّمْ العنت المشقة ولقاء المكروه حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ الحرص شدة الرغبة في الحصول على المفقود وشدة العناية بحفظ الموجود رَؤُفٌ الرأفة أخص من الرحمة، وتكون مع الضعف والشفقة والرقة ولذا قالوا: رأف بولده وترأف به. وأما الرحمة فعامة تشمل الجميع، وقيل: هما بمعنى واحد.
المعنى:
أيها العرب ما لكم لا تسرعون في الدخول إلى الدين أفواجا والتصديق بذلك النبي العربي الأمى؟! فأنتم أولى الناس به. ولذا اختار جمهور المفسرين أن يكون الخطاب في الآية للعرب إذ المنة عليهم أعظم، والحجة عليهم ألزم.
تالله لقد جاءكم أيها العرب رسول منكم تعرفون لغته وخلقه، وتعلمون من شأنه ما لا يعلمه غيركم، هذا النبي الكريم موصوف بصفات كلها تدعو إلى تصديقه واتباعه خاصة من العرب، وهذا لا يمنع أنه أرسل للكل قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً [سورة الأعراف الآية ١٥٨] وهو رحمة للناس بشيرا ونذيرا.
وصفاته صلّى الله عليه وسلّم التي أثبتها له القرآن في هذه الآية:

صفحة رقم 34

(أ) عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ، شديد على طبعه الكريم عنتكم ومشقتكم في الدنيا والآخرة إذ هو منكم يتألم لألمكم ويفرح لفرحكم.
(ب) حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ. نعم كان صلّى الله عليه وسلّم حريصا على إيمان الناس جميعا خاصة العرب لأن إيمان العرب مدعاة لإيمان غيرهم إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ «١». فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً «٢».
(ج) بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ. وكيف لا يكون كذلك وكل تعاليمه ونصائحه تهدى إلى الخير، وترنو إلى الإصلاح والرشاد للأمة الإسلامية في العاجل والآجل، وانظر يا أخى وفقك الله إلى قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ «٣» وإلى قوله هنا: بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ولذا قال الحسين ابن الفضل: لم يجمع الله- سبحانه- لأحد من الأنبياء اسمين من أسمائه إلا النبي صلّى الله عليه وسلم.
فإن تولوا واعرضوا عنك بعد هذا كله فقل حسبي الله وحده لا إله إلا هو، عليه وحده توكلت، واعتمدت، وفوضت أمرى إليه، وكيف لا يكون ذلك؟ وهو رب العرش العظيم- سبحانه وتعالى-.

(١) سورة النحل آية ٣٧.
(٢) سورة الكهف آية ٦.
(٣) سورة البقرة آية ١٤٣.

صفحة رقم 35
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية