آيات من القرآن الكريم

خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪ

(خذ من أموالهم صدقة) اختلف أهل العلم في هذه الصدقة المأمور بها

صفحة رقم 388

فقيل هي صدقة الفرض، وقيل هي مخصوصة بهذه الطائفة المعترفة بذنوبها لأنهم بعد التوبة عليهم عرضوا أموالهم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنزلت هذه الآية كما تقدم، و (من) للتبعيض على التفسيرين والآية مطلقة مبينة بالسنة المطهرة والصدقة مأخوذة من الصدق إذ هي دليل على صدق مخرجها في إيمانه.
(تطهرهم وتزكيهم بها) الضمير المرفوع في الفعلين للنبي ﷺ أي تطهرهم وتزكيهم يا محمد بما تأخذه من الصدقة منهم، وقيل الضمير في تطهرهم للصدقة والضمير في تزكيهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والأول أولى لما في الثاني من الاختلاف في الضميرين في الفعلين المتعاطفين، ومعنى التطهير إذهاب ما يتعلق بهم من أثر الذنوب، ومعنى التزكية المبالغة في التطهير.
قاق الزجاج: الأجود أن يكون المخاطبة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أي فإنك يا محمد تطهرهم وتزكيهم بها على القطع والاستئناف ويجوز الجزم على جواب الأمر والمعنى أن تأخذ من أموالهم صدقة تطهرهم، قال السيوطي: فأخذ ثلث أموالهم وتصدق بها على سبيل الكفارة لذنوبهم فإن كل من أتى ذنباً يسن له التصدق.
(وصل عليهم) أي ادع لهم بعد أخذك لتلك الصدقة من أموالهم، قال النحاس: وحكى أهل اللغة جميعاً فيما علمناه أن الصلاة في كلام العرب الدعاء؛ ثم علل سبحانه أمره لرسوله ﷺ بالصلاة على من يأخذ منه الصدقة فقال: (إن صلاتك سكن لهم) السكن ما تسكن إليه النفس وتطمئن به وهو فعل بمعنى مفعول كالقبض بمعنى المقبوض والمعنى يسكنون إليها، قال ابن عباس: استغفر لهم من ذنوبهم التي كانوا أصابوها إن صلاتك رحمة لهم.
وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عبد الله بن أبي أوفى قال كان

صفحة رقم 389

أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٠٤) وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
رسول الله ﷺ إذا أتى بصدقة قال: " اللهم صل على آل فلان فأتاه أبي بصدقته فقال اللهم صل على آل أبي أوفى " (١).
(والله سميع) لاعترافهم بذنوبهم ودعائهم (عليم) بما في ضمائرهم من الندم والغم لا فرط منهم.
ولما تاب الله سبحانه على هؤلاء المذكورين سابقاً قال:
_________
(١) مسلم ١٠٧٨ - البخاري ٨٠٠.

صفحة رقم 390
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية