
١٦ - (ثم أخبر أنهم بعد حجبهم عن الله يدخلون النار) (١) وهو قوله: ﴿ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (١٦)﴾
١٧ - ثم يقول لهم الخزنة: ﴿هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾.
١٨ - ﴿كَلَّا﴾ (٢) قال مقاتل: لا يؤمن بالعذاب الذي يصلاه (٣).
(ثم أعلم أين محل كتاب الأبرار، فرفع كتابهم على قدر مرتبتهم، كما خَسّسَ كتاب الفجار بقوله:
١٨ - ﴿إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ﴾) (٤) قال مقاتل: يعني المطيعين لله (٥).
واختلفوا في تفسير "عليين": فقال ابن عباس (في رواية الوالبي (٦)): هو الجنة (٧).
وقال في رواية عطية: هي السماء (٨). (وقال في رواية عطاء: هي
(٢) ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ﴾.
(٣) "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦٠، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٦٠، ولم أعثر على قوله في تفسيره.
(٤) ما بين القوسين نقلًا عن "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٩٩.
(٥) لم أعثر على مصدر لقوله، وقد ورد بمثله من غير عزو في "الوسيط" ٤/ ٤٤٧، "فتح القدير" ٥/ ٤٠٢، وقد سبق بيان معنى الأبرار في سورة الانفطار: ١٣.
(٦) ساقط من (أ).
(٧) "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٢، "النكت والعيون" ٦/ ٢٢٩، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦٠، عن عطاء عن ابن عباس، وكذا في "زاد المسير" ٨/ ٢٠٤، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٦٠، "لباب التأويل" ٤/ ٣٦١، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٩.
(٨) ورد معنى قوله في "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٣، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٦٠، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٩.

السماء الرابعة (١)) (٢)
وقال قتادة (٣)، ومقاتل (٤): هي قائمة العرش اليمنى فوق السماء السابعة.
وقال الضحاك: هي سدرة المنتهى (٥). وقال مجاهد: في السماء السَابعة (٦) (هذا قول المفسرين) (٧).
وأما أهل اللغة والمعاني، فقال الفراء: يعني ارتفاعًا بعد ارتفاع لا غاية له (٨).
وله رواية في أنها السماء السابعة. انظر: "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٢، "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٨.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٣) "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٥٦، "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٢، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦٠ "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٢، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٤، "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٨، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٦٠، "الدر المنثور" ٨/ ٤٤٨، وعزاه أيضا إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.
(٤) "تفسير مقاتل" ٢٣٢/ أ، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٤، وعبارته فيهما: قال لفي ساق العرش، "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٨.
(٥) المرجعان السابقان عدا "تفسير مقاتل"، وانظر: "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٢، "النكت والعيون" ٦/ ٢٢٩، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦٠، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٢، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٦٠، "الدر المنثور" ٨/ ٤٤٨، مطولًا وعزاه إلى عبد بن حميد، "فتح القدير" ٥/ ٤٠٢.
(٦) "تفسير الإمام مجاهد" ٧١٢، "جامع البيان" ٣٥/ ١٠١، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٤، "الجامع الأحكام القرآن" ١٩/ ٢٦٠.
(٧) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٨) "معاني القرآن" ٣/ ٢٤٧، بنصه.

وقال الزجاج: أعلى (١) الأمكنة (٢). وقال غيرهما: هي مراتب عالية بعضها فوق بعض محفوفة بالجلال قد عظمها الله بما يدل على عظم شأنها (٣).
وأما إعراب ﴿عليين﴾ فقال الفراء: إذا جمعت جمعًا (٤) لا يذهبون فيه إلى أن له بناءً (٥) من واحد، واثنين -قالوا- في المؤنث، والمذكر بالنون، لأنه جمع لما لا يحد واحده نحو ثلاثون، وأربعون، وكذلك قول الشاعر:
قد رَوِيتْ إلا دُّهَيْدهيْنا | قُلَيِّصاتٍ وَأُبَيْكرِينْا (٦). |
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٩٩.
(٣) ورد بنحوه في "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٨ وعزاه إلى آخرين، كما ورد معناه في "لسان العرب" ١٥/ ٩٤: مادة: (علا). قال: وقيل: أراد أعلى الأمكنة وأشرف المراتب وأقربها من الله في الدار الآخرة، وقال ابن كثير: "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٩ قال الطبري: والصواب أن يقال في ذلك كما قال جل ثنائُه: إن كتاب أعمال الأبرار لفي ارتفاع إلى حد قد علم الله جل وعز منتهاه، ولا علم عندنا بغايته غير أن ذلك لا يقصر عن السماء السابعة لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك. انظر: "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٣.
(٤) وهذا قول العرب، قاله الفراء في: معانيه: ٣/ ٢٤٧.
(٥) غير واضحة في: ع.
(٦) ورد البيت في "معاني القرآن" الفراء: ٣/ ٢٤٧ برواية الدهيدهينا بدلًا من دهيدهينا، وانظر: مادة: (دهده) في: "تهذيب اللغة" ٥/ ٣٥٧، "الصحاح" ٦/ ٢٢٣٢، "لسان العرب" ٣/ ٤٩٠، "المخصص" لابن سيده: م ٢/ ٧: ٢٢ و٦١ وفيه، قد رويت غير الدهيدهبنا. "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٠٠، برواية قد شربت الادهيدهبنا، "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٣ برواية: الدهيدهبنا، كتاب سيبويه: ٣/ ٤٩٤.
قال البغدادي في "الخزانة" ٣/ ٤١٠ وهذا الرجز مع كثرة الاستشهاد به لم يعرف قائله، وفي جميع المراجع السابقة لم ينسب.

فجمع بالنون؛ لأنه جمع ليس واحده محدودًا معلوم (١) العدد (٢).
وقال الزجاج: إعراب هذا الاسم، كإعراب الجمع؛ لأنه لفظ الجمع، كما نقول: هذه قِنَّسْرون، ورأيت قنّسرين (٣).
وقال أبو الفتح الموصلي: "عِلّيِيّنَ" جمع "عِلِّيّ" وهوَ فِعِّيْل من العُلُوّ، وكأنه مما كان سبيله أن يكون عِلّيّة، فيُذهب بتأنيثه إلى الرِّفْعَة والنَّبَاوة كما قالوا: للغرفة: عِلّية (٤)؛ لأنها من العُلُوّ فلمَّا حذفت الهاء من "علِّىّ" عوضوا منها الجمع، بالواو، والنون، كما قلنا في أرضين (٥)، وقدم تقدم القول في هذا الكتاب (٦).
٢٠ - وقوله (تعالى) (٧): ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾
(ليس بتفسير "عليين" (٨)، والكلام كما ذكرنا فيما تقدم.
المعنى: الدَّهداه: حاشية الإبل. وقُلَيّصات، جمع قُلَيِّص، وهو تصغير قَلُوص وهي الناقة الشابة، وأبيكرين: جمع أبيكر، وهو تصغير أَبْكُر وهذا جمع بَكْرٍ، وهو في الإبل بمنزلة الشاب في الناس. شرح أبيات "معاني القرآن" ٣٦٤.
(١) في (أ): وحدود لمعلوم.
(٢) "معاني القرآن" ٣/ ٢٤٧.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٠٠.
(٤) في (أ): عليية.
(٥) "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦٢٥ - ٦٢٧ نقله عنه باختصار.
(٦) راجع في ذلك: المرجع السابق: ٢/ ٦١٣ - ٦١٦.
(٧) ساقط من (ع).
(٨) قال النحاس: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (١٨)﴾ قطع كاف. "القطع والائتناف" ٢/ ٧٩٦، وانظر: "منار الهدى" الأشموني: ٤٢٢.

قوله كتاب مرقوم (١)) (٢) وهو يحتمل تأويلين:
أحدهما: أن الكتاب المرقوم كتاب أعمالهم (٣).
والثاني: أنه كتابه في عليين كتب هناك مَا أعد الله لهم من الكرامة والثواب (٤).
وهو معنى قول مقاتل: مكتوب (٥) لهم بالخير في سَاق العرش (٦).
وروي عن ابن عباس أنه قال: هو مكتوب في لوح من زبرجده (٧) معلق تحت العرش (٨).
(٢) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٣) ورد هذا القول من غير عزو في "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦٠، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٣، "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٨، وورد معناه عن عطية في "الكشف والبيان" ج ١٣/ ٥٥/ ب.
(٤) ورد هذا القول من غير عزو في "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٨. ونصه "أنه كتاب موضوع في عليين كتب فيه ما أعد الله لهم من الكرامة والثواب".
(٥) مكتوب: كررت في نسخة: أ.
(٦) ورد قوله في "تفسير مقاتل" ٢٣٢/ أ، "الكشف والبيان" ج ١٣/ ٥٥/ ب، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦٠.
(٧) زبرجده: الزَّبرجد: جوهر معروف -قاله الجوهري- "الصحاح" ٢/ ٤٨٠: مادة: (زبرجد)، انظر: "القاموس المحيط" ١/ ٢٩٦: مادة: (زبرجد). وفي اللسان: الزَّبرجد: الزُّمزُّد. ٣/ ١٩٤: مادة: (زبرجد).
الزبرجد حجر يشبه الزمرد، وهو ألوان كثيرة، والمشهور منها الأخضر المصري، والأصفر القبرسي.
"الوافي" للبستاني: ٢٥٤ - لم أجد تعريفًا جيدًا إلا عند الوافي- وبقية المراجع تذكر أنه حجر معروف.
(٨) ورد بنحو قوله في "الكشف والبيان" ج ١٣/ ٥٥/ ب، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦٠، =