
ساعة منه عشيته أو ضحاه، فلما ترك اليوم أضافه إلى عشيته، فهو كقوله لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة والنازعات كان ممن حبسه الله في القبر والقيامة حتى يدخل الجنة قدر صلاة المكتوبة «١» ».
سورة عبس
مكية، وآياتها ٤٢ وقيل ٤١ [نزلت بعد النجم] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة عبس (٨٠) : الآيات ١ الى ١٠]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى (٢) وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى (٤)أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى (٥) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٦) وَما عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى (٧) وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى (٨) وَهُوَ يَخْشى (٩)
فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (١٠)
أتى رسول الله ﷺ ابن أمّ مكتوم «٢» - وأمّ مكتوم أمّ أبيه، واسمه عبد الله بن شريح ابن مالك بن ربيعة الفهري من بنى عامر بن لؤي- وعنده صناديد قريش: عتبة وشيبة ابنا ربيعة، وأبو جهل بن هشام. والعباس بن عبد المطلب، وأمية بن خلف، والوليد بن المغيرة:
يدعوهم إلى الإسلام رجاء أن يسلم بإسلامهم غيرهم «٣». فقال: يا رسول الله، أقرئنى وعلمني مما
(٢). ذكر الزمخشري سبب نزول الآية، وهو أن ابن أم مكتوم الأعمى... الخ» قال أحمد: وإنما أخذ الاختصاص من تصدير الجملة بضمير المخاطب وجعله مبتدأ مخبرا عنه وهو كثيرا ما يتلقى الاختصاص من ذلك، ولقد غلط في تفسير الآية، وما كان له أن يبلغ ذلك.
(٣). ذكره الثعلبي بلا إسناد، وأخرجه ابن أبى حاتم من رواية العوفى عن ابن عباس نحوه دون قوله «صناديد قريش» ودون سياق نسب ابن أم مكتوم. وكذا أخرجه الطبري من رواية سعيد عن قتادة. قال: ذكر لنا فذكره. وبهذا الاسناد أن النبي ﷺ استخلفه بعد ذلك على المدينة مرتين يصلى بأهلها. ورواه الترمذي والحاكم من حديث عائشة رضى الله عنها نحوه «تنبيه» النسب الذي ساقه في غاية التخليط، يظهر لمن له أدنى إلمام بالأخبار والأنساب. قال ابن سعد: أما أهل المدينة فيقولون اسمه عبد الله. وأما أهل العراق وهشام الكلبي فيقولون اسمه عمرو ثم أجمعوا على نسبه. فقالوا: ابن قيس بن زياد بن الأصم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص ابن عامر بن لؤي. وأمه عاتكة هي أم مكتوم بنت عبد الله بن عامر بن مخزوم. وقال ابن سعد: أخبرنا يزيد بن هارون. أخبرنا جويبر عن الضحاك. قال «كان النبي ﷺ تصدى لرجل من قريش يدعوه إلى الإسلام فأقبل عبد الله بن أم مكتوم الأعمى، فجعل يسأل رسول الله ﷺ وهو يعرض عنه ويعبس في وجهه، ويقبل على الآخر. فعاتب الله رسوله فقال عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى - الآيات فدعاه رسول الله ﷺ فأكرمه واستخلفه على المدينة مرتين».

علمك الله، وكرر ذلك وهو لا يعلم تشاغله بالقوم، فكره رسول الله ﷺ قطعه لكلامه، وعبس وأعرض عنه، فنزلت فكان رسول الله ﷺ يكرمه ويقول إذا رآه: مرحبا بمن عاتبني فيه ربى، ويقول له: هل لك من حاجة؟ واستخلفه على المدينة مرتين، وقال أنس: رأيته يوم القادسية وعليه درع وله راية سوداء «١». وقرئ: عبس، بالتشديد للمبالغة ونحوه: كلح في كلح أَنْ جاءَهُ منصوب بتولي، أو بعبس، على اختلاف المذهبين. ومعناه: عبس، لأن جاءه الأعمى. أو أعرض لذلك. وقرئ: آأن جاءه بهمزتين وبألف بينهما، ووقف على عَبَسَ وَتَوَلَّى ثم ابتدئ، على معنى: ألأن جاءه الأعمى فعل ذلك إنكارا عليه. وروى أنه ما عبس بعدها في وجه فقير قط، ولا تصدى لغنى. وفي الإخبار عما فرط منه، ثم الإقبال عليه بالخطاب: دليل على زيادة الإنكار، كمن يشكو إلى الناس جانبا جنى عليه، تم يقبل على الجاني إذا حمى في الشكاية مواجها له بالتوبيخ وإلزام الحجة. وفي ذكر الأعمى نحو من ذلك، كأنه يقول: قد استحق عنده العبوس والإعراض لأنه أعمى، وكان يجب أن يزيده لعماه تعطفا وترؤفا وتقريبا وترحيبا، ولقد تأدّب الناس بأدب الله في هذا تأدبا حسنا، فقد روى عن سفيان الثوري رحمه الله أنّ الفقراء كانوا في مجلسه أمراء وَما يُدْرِيكَ وأى شيء يجعلك داريا بحال هذا الأعمى؟ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أى يتطهر بما يتلقن من الشرائع من بعض أوضار الإثم أَوْ يَذَّكَّرُ أو يتعظ فَتَنْفَعَهُ ذكراك، أى: موعظتك، وتكون له لطفا في بعض الطاعات. والمعنى: أنك لا تدرى ما هو مترقب منه، من تزكّ أو تذكر، ولو دريت لما فرط ذلك منك. وقيل: الضمير في لَعَلَّهُ للكافر. يعنى أنك طمعت في أن يتزكى بالإسلام، أو يتذكر فتقرّبه الذكرى إلى قبول الحق، وما يدريك أن ما طمعت فيه كائن.
وقرئ: فتنفعه، بالرفع عطفا على يذكر. وبالنصب جوابا للعلّ، كقوله فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى، تَصَدَّى تتعرض بالإقبال عليه، والمصاداة. المعارضة، وقرئ: تصدى، بالتشديد، بإدغام