آيات من القرآن الكريم

فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّىٰ
ﭑﭒ ﭔﭕﭖ ﭘﭙﭚﭛ ﭝﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨ ﭪﭫﭬﭭ ﭯﭰﭱﭲ ﭴﭵ ﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽ ﭿﮀﮁ

تفسير سورة «عبس»
وهي مكّيّة بإجماع
[سورة عبس (٨٠) : الآيات ١ الى ٨]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى (٢) وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى (٤)
أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى (٥) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٦) وَما عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى (٧) وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى (٨)
قوله تعالى: عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى سببها: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم كَانَ يدعُو بعضَ صَنَادِيدِ قريشٍ ويقرأ عليه القرآن ويقول له: هل ترى بما أقولُ بأساً، فكان ذلك الرجلُ يقول: لا والدمى يعني الأصْنَام إذ جَاء ابنُ أم مكتُومٍ فَقَالَ: يا رسول اللَّه! اسْتَدْنِنِي وَعَلِّمْنِي مما علَّمَك اللَّهُ فكان [في] ذلك كلِّه قطعٌ لحديث النبي صلّى الله عليه وسلّم مع الرَّجُلِ، فلَما شَغَبَ عليه ابنُ أُم مكتوم عبس صلّى الله عليه وسلّم وأعْرَضَ عنه فنزلتِ الآيةُ، قال سفيانُ الثوريّ:
فكَانَ بعدَ ذلك إذَا رأَى ابنَ أم مكتومٍ قال: مَرْحَباً بمن عَاتَبَنِي فيه ربِّي- عز وجل- وبَسَطَ له رداءَه واسْتَخْلَفَه على المدينةِ مرتين «١»، ت: والكافرُ المشارُ إليه في الآيةِ هو:
الوليدُ بن المغيرة قاله ابنُ إسْحَاق، انتهى، ثم أكَّد تعالى عَتْبَ نبيه بقوله: أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى أي بمالِه، فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى أي: تتعرّض.
[سورة عبس (٨٠) : الآيات ٩ الى ١٢]
وَهُوَ يَخْشى (٩) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (١٠) كَلاَّ إِنَّها تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (١٢)
وقوله: وَهُوَ يَخْشى أي: يخشَى اللَّه، فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى أي تَشْتَغِلُ، تَقُولُ لَهِيتُ عن الشيء ألْهَى إذا اشْتَغَلْتُ عنه، ولَيْسَ من اللَّهْوِ، وهذه الآيةُ السببُ فيها هذا ثم هِي بَعْدُ تَتَنَاولُ مَنْ شَارَكَهم في هذه الأوصافِ، فحمَلةُ الشَّرْعِ والعِلم مخاطبونَ بتقريبِ الضَّعِيفِ من أهلِ الخير وتقديمِه على الشريفِ العارِي من الخيرِ، مثلَ ما خُوطِبَ بهِ النبي صلّى الله عليه وسلّم في هذه السورةِ، قال عياضٌ: وليسَ في قوله تعالى: عَبَسَ وَتَوَلَّى الآيةَ، ما يَقْتَضِي إثبات ذنب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، أو أنه خَالفَ أمْرَ ربِّه سبحانه، وإنَّما في الآية الإعلام بحال
(١) أخرجه الطبري (١٢/ ٤٤٤) عن قتادة وغيره (٣٦٣٢٢)، وذكره ابن عطية (٥/ ٤٣٦) بنحوه.

صفحة رقم 551
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية