
إذ قال ربّنا اطمس على أموالهم
واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يرووا العذاب الأليم لو انفقتما ما خالفتكما أنتم عالة فلا يفلتن منهم أحد الا بفداء وبضرب عنق فقال عبد الله بن مسعود يا رسول الله الا سهل بن بيضاء فانه سمعته يذكر الإسلام فسكت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال فما رأيتنى في يوم أخاف ان يقع على الحجارة من السماء منى في ذلك اليوم حتى قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم الا سهل بن بيضاء فلما كان الغد غدا عمر الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فاذا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وابو بكر يبكيان فقال يا رسول الله ما يبكيكما فان وجدت بكاء بكيت والا تباكيت لبكائكما فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إن كان يصبنا في خلاف ابن الخطاب عذاب اليم ولو نزل العذاب ما أفلت منه الا ابن الخطاب لقد عرض علىّ عذابكم ادلى من هذه الشجرة لشجرة قريبة منه فانزل الله تعالى.
ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ «١» قرأ ابو جعفر وابو عمرو بالتاء الفوقانية والباقون بالياء التحتانية لَهُ أَسْرى كذا قرأ الجمهور وقرأ ابو جعفر أسارى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ اى يكثر القتل ويوهن الكفار ويذل الكفر من أثخنه المرض أثقله فالمفعول محذوف اى يثخن الأسرى في الأرض قال في القاموس أثخن فلانا اى اى أوهنه وأثخن في العدو اى بالغ بالجراحة فيهم تُرِيدُونَ ايها المؤمنون عَرَضَ الدُّنْيا حطامها بأخذ الفداء وَاللَّهُ يُرِيدُ لكم ثواب الْآخِرَةَ بقتل المشركين ونصركم دين الله وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٧) قال ابن عباس كان هذا يوم بدر والمسلمون يومئذ قليل فلما كثروا واشتد سلطانهم نسخ الله تعالى هذا الحكم بقوله فاما منا بعد واما فدآء فجعل لنبيه صلى الله عليه واله وسلم والمؤمنين في امر الأسارى خيار ان شاؤا قتلوهم وان شاؤا استعبدوهم وان شاؤا أفادوهم وان شاؤا اعتقوهم.

(مسئلة) اجمع العلماء على انه يجوز للامام في الأسارى القتل كما يدل عليه هذه الاية وكما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ببني قريظة وقد قتل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم صبرا النضر بن الحارث وطعيمة بن عدىّ وعقبة بن ابى معيط قال في سبيل الرشاد قال عقبة بن ابى معيط يا محمد من للصبية قال النار قتله ابن ابى الأفلح في قول ابن إسحاق وقال ابن هشام قتله على بن ابى طالب.
(مسئلة) ويجوز استرقاق الأسارى ايضا اجماعا لان فيه دفع شرهم مع وفور المصلحة لاهل الإسلام ومن هاهنا قال ابو حنيفة ليس لواحد من الغزاة ان يقتل أسيرا بنفسه لان الرأي فيه الى الامام ولكن لا يضمن بقتله شيئا.
(مسئلة) واختلف العلماء في المنّ على الأسارى يعنى إطلاقهم الى دار الحرب من غير شيء وفي الفداء بالمال وفي الفداء بأسير مسلم وفي تركهم ذمة لنا فقال مالك والشافعي واحمد والثوري وإسحاق وبه قال الحسن وعطاء يجوز المنّ والفداء بالمال وبالأسارى وقال ابو حنيفة وابو يوسف ومحمد والأوزاعي وبه قال قتادة والضحاك والسدى وابن جريج لا يجوز المنّ أصلا وكذا الفداء بالمال لا يجوز على المشهور من مذهب أبي حنيفة وصاحبيه وفي السير الكبير انه لا بأس به إذا كان بالمسلمين حاجة وكذا المفادة بالأسارى لا يجوز على رواية من أبي حنيفة وبه قال صاحب القدورى والهداية واظهر الروايتين عنه ما قال صاحبا لا انه يجوز المفاداة بالأسارى واما تركهم أحرارا في دار الإسلام ذمة لنا فاجازه ابو حنيفة ومالك محتجين بما فعل عمر باهل العراق والشام وقال الشافعي واحمد لا يجوز ذلك لانهم ملكوا وجه قول أبي حنيفة في عدم المنّ والفداء ان ردهم الى دار الحرب اعانة للكفار فانهم يعودون حربا علينا فلا يجوز بالمال ولا بالأسير المسلم لان الأسير المسلم إذا بقي في أيديهم كان في حقه ابتلاء من الله تعالى غير مضاف إلينا والاعانة بدفع أسيرهم مضاف إلينا ووجه قوله الجمهور قول تعالى فاما منا بعد واما فداء قال ابو حنيفة هذه الاية منسوخة بقوله تعالى فاما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم وقوله تعالى اقتلوا المشركين

حيث وجدتموهم وعند الجمهور قوله تعالى فاما منا بعد واما فداء غير منسوخ لما ذكرنا من قول ابن عباس انه لما كثر المسلمون واشتد سلطانهم انزل الله تعالى فاما منا بعد الاية وقوله تعالى اقتلوا المشركين المراد به غير الأسارى للاجماع على جواز استرقاقهم وقد قال ابو حنيفة يجوز تركهم ذمة لنا اخرج مسلم في صحيحه وابو داود والترمذي عن عمران بن حصين ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فدى رجلين من المسلمين برجل من المشركين واخرج احمد ومسلم واصحاب السنن الاربعة عن سلمة بن الأكوع قال غزونا فزارة مع ابى بكر امرّه علينا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فلما كان بيننا وبين الماء ساعة أمرنا ابو بكر فعرسنا ثم شن الغارة فورد الماء فقتل من قتل عليه فانظر الى عنق من الناس فيهم الذراري فخشيت ان... يسبقونى الى الجبل فرميت بسهم بينهم وبين الجبل فلما راوا السهم وقفوا فجئت بهم اسوقهم وفيهم امرأة من بنى فزارة عليها قشع من آدم معها ابنة لها من احسن العرب فسقتهم حتى أتيت بهم أبا بكر فنفلنى ابنتها فقدمنا المدينة ما كشفت لها ثوبا فلقينى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في السوق فقال يا سلمة هب لى المرأة فقلت يا رسول الله قد أعجبتني وما كشفت لها ثوبا فسكت حتى إذا كان من الغد لقينى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في السوق فقال يا سلمة هب المرأة لله أبوك فقلت هى لك يا رسول الله والله ما كشفت لها ثوبا فبعث بها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ففدى بها ناسا من المسلمين كانوا أسروا بمكة وروى ابن إسحاق بسنده وابو داود من طريقه الى عائشة قالت لما بعث اهل مكة في فدآء أساراهم بعث زينب بنت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في فداء ابى العاص بمال وبعثت فيه بقلادة كانت خديجة رضى الله عنها أدخلتها بها على ابى العاص حين بنى عليها فلما رأى النبي صلى الله عليه واله وسلم ذلك رق لها رقة شديدة وقال لاصحابه ان رأيتم ان تطلقوا لها أسيرها وتردوا الذي لها فافعلوا ففعلوا ورواه الحاكم وصححه وزاد وكان النبي صلى الله عليه واله وسلم قد أخذ عليها ان يخلى زينب اليه ففعل وذكر ابن إسحاق ان ممن منّ عليه رسول الله
صفحة رقم 115
صلى الله عليه واله وسلم المطلب بن حنطب اسره ابو أيوب الأنصاري فخلى سبيله وابو عزة الجمحي كان محتاجا ذا بنات فكلم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فمن عليه وأخذ عليه ان لا يظاهر عليه أحدا وامتدح رسول الله صلى الله عليه واله
وسلم بأبيات ثم قدم مع المشركين في أحد فاسر فقال يا رسول الله أقلني فقال عليه السلام لا تمسح عارضيك بمكة بعدها تقول خدعت محمدا مرتين ثم امر بضرب عنقه وذكر في سبيل الرشاد جعل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يوم بدر فدأ الرجل اربعة آلاف الى ثلثة آلاف الى الفين الى الف ومنهم من منّ عليه لانه لا مال له وفي صحيح البخاري قوله صلى الله عليه واله وسلم في أسارى بدر لو كان المطعم بن عدى حيا ثم كلمنى في هولاء لتركتهم له وعن ابى هريرة قال بعث النبي صلى الله عليه واله وسلم خيلا قبل يمامة فجاءت برجل من بنى حنيفة يقال له ثمامة بن أثال فربطوه في سارية من سوارى المسجد فخرج اليه النبي صلى الله عليه واله وسلم فقال ما عندك يا ثمامة فقال عندى خير يا محمد ان تقتلنى تقتل ذا دم وان تنعم تنعم على شاكر وان كنت تريد المال فسل منه ما شئت فتركه حتّى كان الغد ثم قال له ما عندك يا ثمامة فقال كما قال بالأمس فتركه حتى كان بعد الغد فقال ما عندك يا ثمامة فقال عندى ما قلت لك قال أطلقوا ثمامة فانطلق الى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله يا محمد والله ما كان على وجه الأرض وجه ابغض الىّ من وجهك... فقد أصبح وجهك أحب الوجوه الىّ والله ما كان دين ابغض اليّ من دينك فاصبح دينك أحب الأديان اليّ والله ما كان من بلد ابغض اليّ من بلدك فاصبح بلدك احبّ البلاد اليّ وان خيلك أخذتني وانا أريد العمرة فماذا ترى فبشره رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وامره ان يعتمر فلما قدم مكة قال له قائل صبوت قال لا ولكنى أسلمت مع محمد صلى الله عليه واله وسلم لا والله لا تأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن النبي صلى الله عليه واله وسلم والله اعلم روى احمد عن انس حال ستشار النبي صلى الله عليه واله وسلم الناس في الأسارى يوم بدر فقال ان الله