آيات من القرآن الكريم

۞ وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
ﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆ

(وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) أي إن مالوا إلى الصالحة فاقبل منهم الصلح ومل إلى الصالحة، والجنوح اليل، يقال جنح الرجل إلى الرجل مال إليه ومنه قيل للأضالع الجوانح لأنها مالت إلى الحشوة، وجنحت الإبل إذا مالت أعناقها في السير، ويقال جنح الليل أقبل.
قال النضر بن شميل: جنح الرجل إلى فلان ولفلان إذا خضع له، والجنوح الاتباع أيضاً لتضمنه الميل والجناح من ذلك لميلانه إلى الطائر، والسلم

صفحة رقم 204

الصلح، قرئ بالكسر والفتح وهما قراءتان سبعيتان، وقرئ فاجنح بضم النون وبالفتح والأولى لغة قيس والثانية لغة تميم قال ابن جني: ولغة قيس هي القياس، والسلم يذكر ويؤنث كما يؤنث الحرب إذ هي مؤولة بالخصلة أو الفعلة.
وعن مجاهد قال: وإن جنحوا يعني قريظة وعن ابن عباس قال: السلم الطاعة.
وقد اختلف أهل العلم هل هذه الآية منسوخة أم محكمة، فقيل هي منسوخة بقوله: (فاقتلوا المشركي) قاله ابن عباس. وقيل ليست بمنسوخة لأن المراد بها قبول الجزية وقد قبلها منهم الصحابة فمن بعدهم فتكون خاصة بأهل الكتاب، قاله مجاهد وقيل إن المشركين إن دعوا إلى الصلح جاز أن يجابوا إليه.
وتمسك المانعون من مصالحة المشركين بقوله تعالى: (ولا تهنوا) وتدعوا إلى السلم (وأنتم الأعلون) والله معكم وقيدوا عدم الجواز بما إذا كان المسلمون في عزة وقوة لا إذا لم يكونوا كذلك، فإنه جائز كما وقع منه صلى الله عليه وآله وسلم من مهادنة قريش، وما زالت الخلفاء والصحابة على ذلك، وهذا كله مبني على أن المراد بالصلح هو عقد الجزية، أما لو أريد غيره من العقود التي تفيدهم الأمن وهي الهدنة والأمان فلا نسخ مطلقاً إذ يصح عقدهما لكل كافر، وكلام أهل العلم في هذه المسألة معروف مقرر في مواطنه.
(وتوكل على الله) في جنوحك للسلم ولا تخف من مكرهم وفوض أمرك إليه فيما عقدته معهم ليكون ذلك عوناً لك في جميع أحوالك (إنه) سبحانه (هو السميع) لما يقولون (العليم) بما يفعلون.

صفحة رقم 205

وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (٦٢) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

صفحة رقم 206
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية