آيات من القرآن الكريم

وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا
ﭳﭴﭵ ﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽﭾ ﮀﮁﮂ ﮄﮅﮆﮇﮈ

الرطوبة سُباتاً موتا اى كالموت والمسبوت الميت من السبت وهو القطع لانه مقطوع عن الحركة ومنه سمى يوم السبت لان الله تعالى ابتدأ بخلق السموات والأرض يوم الأحد فخلقها فى ستة ايام فقطع عمله يوم السبت فسمى بذلك وايضا هو يوم ينقطع فيه بنو إسرائيل عن العمل والنوم أحد التوفيين كما قال تعالى الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت فى منامها اى ويتوفى التي لم تمت فى منامها وذلك لما بينهما من المشاركة التامة فى انقطاع احكام الحياة فالتنوين للنوعية اى وجعلنا نومكم نوعا من الموت وهو الموت الذي ينقطع ولا يدوم إذ لا ينقطع ضوء الروح الا عن ظاهر البدن وبهذا الاعتبار قيل له أخو الموت والنوم بمقدار الحاجة نعمة جليلة وقيل سباتا اى قطعا عن الاحساس والحركة لاراحة القوى الحيوانية وازاحة كلالها والاول هو اللائق بالمقام كما ستعرفه وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ الذي يقع فيه النوم لِباساً يقال لبس الثوب استتر به وجعل اللباس لكل ما يغطى الإنسان عن قبيح فجعل الزوج لزوجها لباسا من حيث انها تمنعه وتصده عن تعاطى قبيح وكذا البعل وايضا من حيث الاشتمال قال تعالى هن لباس لكم وأنتم لباس لهن وجعل التقوى لباسا على طريق التمثيل والتشبيه وكذا جعل الخوف والجوع لباسا على التمثيل والتشبيه تصويرا له وذلك بحسب ما يقولون تدرع فلان الفقر ولبس الجوع والمعنى لباسا يستركم بظلامه كما يستركم اللباس ولعل المراد به ما يستتر به عند النوم من اللحاف ونحوه فان شبه الليل به أكمل واعتباره فى تحقيق المقصد أدخل صاحب فتوحات آورده شب لباس اصحاب ليل است كه ايشانرا از نظر اغيار بپوشاند تا در خلوت خود لذت مكالمه يا محاضره يا مشاهده هر يك فراخور استعداد خود برخوردارى يابند حضرت شيخ الإسلام قدس شره فرموده كه شب پرده روندكان را هست روز بازار بيداران سحركاه
الليل للعاشقين ستر... يا ليت أوقاته تدوم
چون در دل شب خيال او يار منست... من بنده شب كه روز بازار منست
فهو تعالى جعل الليل محلا للنوم الذي جعل موتا كما جعل النهار محلا لليقظة المعبر عنها بالحياة فى قوله تعالى وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً اى وقت عيش اى حياة تبعثون فيه من نومكم الذي هو أخو الموت كما فى قوله تعالى وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا ولم يقل وجعل يقظتكم حياة لتتم المطابقة بينه وبين قوله وجعلنا نومكم سباتا بل عبر عن اليقظة بالنهار لكونه مستلزما لها غالبا ولمراعاة مطابقة وجعلنا الليل ومنه يعلم ان قوله وجعلنا الليل ليس مستطردا فى البين لذكر النوم فى القرينة الاولى فمعاش مصدر من عاش يعيش عيشا ومعاشا ومعيشة وعيشة وعلى هذا لا بد من تقدير المضاف ولذا قدروا لفظ الوقت ويحتمل ان يكون اسم زمان على صيغة مفعل فلا حاجة حينئذ الى تقدير المضاف وتفسيره بوقت معاش إبراز لمعنى صيغة اسم الزمان وتفصيل لمفهومها وفى التأويلات النجمية ألم نجعل ارض البشرية مهد استراحتكم وانتشاركم فى انواع المنافع البشرية وجبال نفوسكم القاسية قوائم ارض البشرية وخلقناكم أزواجا زوج الروح وزوج النفس او ذكر القلب وأنثى النفس

صفحة رقم 295

حيال العرش خر الله ساجدين فيقولان الهنا قد علمت طاعتنا لك ودأبنا فى عبادتك وسرعتنا للمضى فى أمرك ايام الدنيا فلا تعذبنا بعبادة المشركين إيانا فقد علمت انا لم ندعهم الى عبادتنا ولم نذهل عن عبادتك فيقول الرب صدقتما انى قد قضيت على نفسى ان أبدئ وأعيد وانى معيد كما الى ما ابدأتكما منه فارجعا الى ما خلقتكما منه فيقولان ربنا مم خلقتنا فيقول خلقتكما من نور عرشى فارجعا اليه قال فتلمع من كل واحد منهما برقة تكاد تخطف الابصار نورا فيختلطان بنور العرش فذلك قوله تعالى يبدئ ويعيد كذا فى كشف الاسرار وقال الشيخ رضى الله عنه فى الفتح المكي واما الكواكب كلها فهى فى جهنم مظلمة الاجرام عظيمه الخلق وكذلك الشمس والقمر والطلوع والغروب لهما فى جهنم دائما انتهى. يقول الفقير لعل التوفيق بين هذا وبين الخبر السابق ان كلا من الشمس والقمر حامل لشيئين النورية والحرارة فما كان فيهما من قبيل النور فيتصل بالعرش من غير جرم لان الجرم لا يخلو من الغلظة والظلمة والكثافة وما كان من قبيل النار والحرارة فيتصل بالنار مع جرمهما فكل منهما يرجع الى أصله فان قلت كان الظاهر ان يتصل نورهما بنور النبي عليه السلام لانهما مخلوقان من نوره قلت ان العرش والكرسي خلقا من نوره وخلق القمران من نور العرش فهما فى الحقيقة مخلوقان من نور النبي عليه السلام ومتصل نورهما بنوره والكل نوره والحمد لله تعالى

شمسه نه مسند وهفت اختران ختم رسل خواجه پيغمبران
وَأَنْزَلْنا النون للعظمة وللاشارة الى جمعية الذات والأسماء والصفات مِنَ الْمُعْصِراتِ هى السحائب إذا أعصرت اى شارفت ان تعصرها الرياح فتمطر ولم تعصرها بعد فالانزال من المستعد لا من الواقع والا يلزم تحصيل الحاصل وهمزة اعصر للحينونة والمعصرات اسم فاعل يقال احصد الزرع إذا حان له ان يحصد وأعصرت الجارية اى حان لها ان تعصر الطبيعة رحمها فتحيض وفى المفردات المعصر المرأة التي حاضت ودخلت فى عصر شبابها انتهى ولو لم تكن للحينونة لكان ينبغى ان يقرأ المعصرات بفتح الصاد على انه اسم مفعول لان الرياح تعصرها ويجوز أن يكون المراد من المعصرات الرياح التي حان لها ان تعصر الحساب فتمطر فهى ايضا اسم فاعل والهمزة للحينونة كذلك فان قيل لم لم تجعل الهمزة للتعدية قلنا لان الرياح عاصرة لا معصرة ماءً ثَجَّاجاً اى منصبا بكثرة والمراد تتابع القطر حتى يكثر الماء فيعظم النفع به يقال ثج الماء اى سال بكثرة وانصب وثجه غيره اى اساله وصبه فهو لازم ومتعد ومن الثاني قوله عليه السلام أفضل الحج العج والثج اى رفع الصوت بالتلبية وصب دماء الهدى وفسره الزجاج بالصباب كأنه يثج نفسه مبالغة فيكون متعديا ولا منافاة بين هذا وبين قوله تعالى وأنزلنا من السماء ماء فان ابتداء المطر ان كان من السماء يكون الانزال منها الى السحاب ومنه الى الأرض والا فانزاله منها باعتبار تكونه بأسباب سماوية من جملتها حرارة الشمس فانها تثير وتصعد الاجزاء المائية من اعماق الأرض الرطبة او من البحار والأنهار الى جو الهولء فتنعقد سحابا فتمطر فالانزال من المعصرات حقيتة

صفحة رقم 297
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية