آيات من القرآن الكريم

وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا
ﭑﭒ ﭔﭕﭖ ﭘﭙﭚﭛ ﭝﭞ ﭠﭡﭢ ﭤﭥﭦﭧ ﭩﭪ ﭬﭭ ﭯﭰﭱ ﭳﭴﭵ ﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽﭾ ﮀﮁﮂ ﮄﮅﮆﮇﮈ

سُورَةُ النَّبَأِ مَكِّيَّةٌ (١) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (٢) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (٣) كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (٤) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (٥) ﴾
﴿عَمَّ﴾ أَصْلُهُ: "عَنْ مَا" فَأُدْغِمَتِ النُّونُ فِي الْمِيمِ وَحُذِفَتْ أَلِفُ "مَا" [كَقَوْلِهِ] (٢) "فِيمَ" وَ"بِمَ"؟ ﴿يَتَسَاءَلُونَ﴾ أَيْ: عَنْ أَيِّ شَيْءٍ يَتَسَاءَلُونَ، هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ؟ وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَعَاهُمْ إِلَى التَّوْحِيدِ وَأَخْبَرَهُمْ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَتَلَا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ جَعَلُوا يَتَسَاءَلُونَ بَيْنَهُمْ فَيَقُولُونَ: مَاذَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ؟ قَالَ الزَّجَّاجُ: اللَّفْظُ لَفْظُ اسْتِفْهَامٍ وَمَعْنَاهُ التَّفْخِيمُ، كَمَا تَقُولُ: أَيُّ شَيْءٍ زَيْدٌ؟ إِذَا عَظَّمْتَ [أَمْرَهُ] (٣) وَشَأْنَهُ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ تَسَاؤُلَهُمْ عَمَّاذَا فَقَالَ: ﴿عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ وَالْأَكْثَرُونَ: هُوَ الْقُرْآنُ، دَلِيلُهُ: قَوْلُهُ: "قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ" (ص-٦٧) وَقَالَ قَتَادَةُ: هُوَ الْبَعْثُ. ﴿الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ﴾ فَمُصَدِّقٌ وَمُكَذِّبٌ ﴿كَلَّا سَيَعْلَمُونَ﴾ "كَلَّا" نَفْيٌ لِقَوْلِهِمْ، "سَيَعْلَمُونَ" عَاقِبَةَ تَكْذِيبِهِمْ حِينَ تَنْكَشِفُ الْأُمُورُ. ﴿ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ﴾ وَعِيدٌ لَهُمْ عَلَى إِثْرِ وَعِيدٍ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: "كَلَّا سَيَعْلَمُونَ" يَعْنِي الْكَافِرِينَ، "ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ" يَعْنِي: الْمُؤْمِنِينَ، ثم ذكر صنعائه لِيَعْلَمُوا تَوْحِيدَهُ فَقَالَ: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا﴾
﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (٦) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (٧) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (٨) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (٩) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (١٠) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (١١) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (١٢) وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (١٣) وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (١٤) ﴾
﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا﴾ فِرَاشًا.

(١) أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس وابن مردويه عن ابن الزبير قال: نزلت سورة (عم يتساءلون) بمكة. انظر: الدر المنثور: ٨ / ٣٨٩.
(٢) في "ب" كقولهم.
(٣) ساقط من "ب".

صفحة رقم 309

﴿وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا﴾ لِلْأَرْضِ حَتَّى لَا تَمِيدَ. ﴿وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا﴾ أَصْنَافًا ذُكُورًا وَإِنَاثًا. ﴿وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا﴾ أَيْ رَاحَةً لِأَبْدَانِكُمْ. قَالَ الزَّجَّاجُ: "السُّبَاتُ" أَنْ يَنْقَطِعَ عَنِ الْحَرَكَةِ وَالرُّوحُ فِيهِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ جَعَلْنَا نَوْمَكُمْ قَطْعًا لِأَعْمَالِكُمْ، لِأَنَّ أَصْلَ السَّبْتِ: الْقَطْعُ. ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا﴾ غِطَاءً وَغِشَاءً يَسْتُرُ كُلَّ شَيْءٍ بِظُلْمَتِهِ. ﴿وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا﴾ الْمَعَاشُ: الْعَيْشُ، وَكُلُّ مَا يُعَاشُ فِيهِ فَهُوَ مَعَاشٌ، أَيْ جَعَلْنَا النَّهَارَ سَبَبًا لِلْمَعَاشِ وَالتَّصَرُّفِ فِي الْمَصَالِحِ. قَالَ [ابْنُ عَبَّاسٍ] (١) يُرِيدُ: تَبْتَغُونَ فِيهِ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ، وَمَا قَسَّمَ لَكُمْ مِنْ رِزْقِهِ. ﴿وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا﴾ يُرِيدُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ. ﴿وَجَعَلْنَا سِرَاجًا﴾ [يَعْنِي الشَّمْسَ] (٢) ﴿وَهَّاجًا﴾ مُضِيئًا مُنِيرًا. قَالَ الزَّجَّاجُ: الْوَهَّاجُ: الْوَقَّادُ. قَالَ مُقَاتِلٌ: جَعَلَ فِيهِ نُورًا وَحَرَارَةً، وَالْوَهَجُ يَجْمَعُ النُّورَ وَالْحَرَارَةَ. ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَمُقَاتِلٌ، وَالْكَلْبِيُّ: يَعْنِي الرِّيَاحَ الَّتِي تَعْصِرُ السَّحَابَ، وَهِيَ رِوَايَةُ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: هِيَ الرياح ذوات ١٨٣/أالْأَعَاصِيرِ، فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ تَكُونُ "مِنْ" بِمَعْنَى الْبَاءِ أَيْ بِالْمُعْصِرَاتِ، وَذَلِكَ أَنَّ الرِّيحَ تَسْتَدِرُّ الْمَطَرَ.
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَالرَّبِيعُ، وَالضَّحَّاكُ: الْمُعْصِرَاتُ هِيَ السَّحَابُ وَهِيَ رِوَايَةُ الْوَالِبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

(١) في "ب" ابن مسعود.
(٢) ساقط من "ب".

صفحة رقم 312
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية