
﴿٦ - ١٦﴾ ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا * وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا * وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا * وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا * وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا * وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا * وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا * لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا * وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا﴾
أي: أما أنعمنا عليكم بنعم جليلة، فجعلنا لكم ﴿الأرْضَ مِهَادًا﴾ أي: ممهدة مهيأة (١) لكم ولمصالحكم، من الحروث والمساكن والسبل.
﴿وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا﴾ تمسك الأرض لئلا تضطرب بكم وتميد.
﴿وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا﴾ أي: ذكورا وإناثا من جنس واحد، ليسكن كل منهما إلى الآخر، فتكون (٢) المودة والرحمة، وتنشأ عنهما الذرية، وفي ضمن هذا الامتنان، بلذة المنكح.
﴿وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا﴾ أي: راحة لكم، وقطعا لأشغالكم، التي متى تمادت بكم أضرت بأبدانكم، فجعل الله الليل والنوم يغشى الناس لتنقطع (٣) حركاتهم الضارة، وتحصل راحتهم النافعة.
﴿وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا﴾ أي: سبع سموات، في غاية القوة، والصلابة والشدة، وقد أمسكها الله بقدرته، وجعلها سقفا للأرض، فيها عدة منافع لهم، ولهذا ذكر من منافعها الشمس فقال: ﴿وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا﴾ نبه بالسراج على النعمة بنورها، الذي صار كالضرورة للخلق، وبالوهاج الذي فيه الحرارة على حرارتها وما فيها من المصالح (٤).
﴿وَأَنزلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ﴾ أي: السحاب ﴿مَاءً ثَجَّاجًا﴾ أي: كثيرا جدا.
﴿لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا﴾ من بر وشعير وذرة وأرز، وغير ذلك مما يأكله الآدميون.
﴿وَنَبَاتًا﴾ يشمل سائر النبات، الذي جعله الله قوتا لمواشيهم.
﴿وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا﴾ أي: بساتين ملتفة، فيها من جميع أصناف الفواكه اللذيذة.
(٢) في ب: فتتكون.
(٣) في ب: لتسكن.
(٤) في ب: الذي صار ضرورة للخلق، وبالوهاج وهي: حرارتها على ما فيها من الإنضاج والمنافع.