آيات من القرآن الكريم

وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ
ﮪﮫ ﮭﮮ ﮰﮱ ﯔﯕ ﯗﯘ ﯚﯛﯜ ﯞﯟ ﯡﯢﯣﯤ ﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮ

قوله تعالى :﴿ يا أيها المدَّثِّر ﴾ فيه قولان :
أحدهما : يا أيها المدثر بثيابه، قاله قتادة.
الثاني : بالنبوة وأثقالها، قاله عكرمة.
﴿ قم ﴾ من نومك ﴿ فأنذر ﴾ قومك عذاب ربك.
ويحتمل وجهاً ثالثاً : يا أيها الكاتم لنبوته اجهر بإنذارك.
ويحتمل هذا الإنذار وجهين :
أحدهما : إعلامهم بنبوته لأنه مقدمة الرسالة.
الثاني : دعاؤهم إلى التوحيد لأنه المقصود بها.
قال ابن عباس وجابر هي أول سورة نزلت.
﴿ وثيابَك فَطِّهرْ ﴾ فيه خمسة أقاويل :
أحدها : أن المراد بالثياب العمل.
الثاني : القلب.
الثالث : النفْس.
الرابع : النساء والزوجات.
الخامس : الثياب الملبوسات على الظاهر.
فمن ذهب على أن المراد بها العمل قال تأويل الآية : وعملك فأصلح، قاله مجاهد، ومنه ما روي عن النبي ﷺ أنه قال :
« يحشر المرء في ثوبيه اللذين مات فيها » يعني عمله الصالح والطالح.
ومن ذهب إلى أن المراد بالثياب القلب فالشاهد عليه قول امرىء القيس :

وإن تك قد ساءتك مني خليقةٌ فسلّي ثيابي من ثيابكِ تنسلِ
ولهم في تأويل الآية وجهان :
أحدهما : معناه وقلبك فطهر من الإثم والمعاصي، قاله ابن عباس وقتادة.
الثاني : وقلبك فطهر من الغدر وهذا مروي عن ابن عباس، واستشهد بقول الشاعر :
فإني بحْمدِ الله لا ثوْبَ فاجر لبست ولا مِن غَدْرةٍ أَتَقَنّع.
ومن ذهب إلى أن المراد بالثياب النفس فلأنها لابسة الثياب، فكنى عنها بالثياب، ولهم في تأويل الآية ثلاثة أوجه :
أحدها : معناه ونفسك فطهر مما نسبك إليه المشركون من شعر أو سحر أو كهانة أو جنون، رواه ابن أبي نجيح وأبو يحيى عن مجاهد.
الثاني : ونفسك فطهرها مما كنت تشكو منه وتحذر، من قول الوليد بن المغيرة، قاله عطاء.
الثالث : ونفسك فطهرها من الخطايا، قاله عامر.
ومن ذهب إلى أن المراد النساء والزوجات فلقوله تعالى :﴿ هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ﴾ [ البقرة : ١٨٧ ] ولهم في تأويل الآية وجهان :
أحدهما : معناه ونساءك فطهر باختيار المؤمنات العفائف.
الثاني : الاستمتاع بهن من القبل دون الدبر، وفي الطهر دون الحيض، حكاهما ابن بحر.
ومن ذهب إلى أن المراد بها الثياب الملبوسة على الظاهر، فلهم في تأويله أربعة أوجه :
أحدها : معناه وثيابك فأنْقِ، رواه عطاء عن ابن عباس، ومنه قول امرىء القيس :
ثياب بني عَوفٍ طهارى نقيّةٌ وأَوْجُهُهُمْ عند المشاهد غُرّان
الثاني : وثيابك فشمّر وقصّر، قاله طاووس.
الثالث : وثيابك فطهر من النجاسات بالماء، قاله محمد بن سيرين وابن زيد والفقهاء.
الرابع : معناه لا تلبس ثياباً إلا [ من ] كسب حلال مطهرة من الحرام.
﴿ والرُّجْزَ فاهْجُرْ ﴾ فيه ستة تأويلات :
أحدها : يعني الآثام والأصنام، قاله جابر وابن عباس وقتادة والسدي.

صفحة رقم 346

الثاني : والشرك فاهجر، قاله ابن جبير.
الثالث : والذنب فاهجر، قاله الحسن.
الرابع : والإثم فاهجر، قال السدي.
الخامس : والعذاب فاهجر، حكاه أسباط.
السادس : والظلم فاهجر، ومنه قول رؤبة بن العجاج.

كم رامنا من ذي عديد منه حتى وَقَمْنا كيدَه بالرجزِ.
قاله السدي : الرَّجز بنصب الراء : الوعيد.
﴿ ولا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِر ﴾ فيه أربعة تأويلات :
أحدها : لا تعط عطية تلتمس بها أفضل منها، قاله ابن عباس وعكرمة وقتادة، قال الضحاك : هذا حرمه الله تعالى على رسول وأباحه لأمته.
الثاني : معناه لا تمنن بعملك تستكثر على ربك، قاله الحسن.
الثالث : معناه لا تمنن بالنبوة على الناس تأخذ عليها منهم أجراً، قاله ابن زيد.
الرابع : معناه لا تضعف عن الخير أن تستكثر منه، قاله مجاهد.
ويحتمل تأويلاً خامساً : لا تفعل الخير لترائي به الناس.
﴿ ولِربِّك فاصْبِرْ ﴾ أما قوله « وَلِرَبِّكَ » ففيه ثلاثة أوجه :
أحدها : لأمر ربك.
الثاني : لوعد ربك.
الثالث : لوجه ربك.
وفي قوله « فاصْبِرْ سبعة تأويلات :
أحدها : فاصْبِرْ على ما لاقيت من الأذى والمكروه قاله مجاهد.
الثاني : على محاربة العرب ثم العجم، قاله ابن زيد.
الثالث : على الحق فلا يكن أحد أفضل عندك فيه من احد، قاله السدي.
الرابع : فاصْبِرْ على عطيتك لله، قاله إبراهيم.
الخامس : فاصْبِرْ على الوعظ لوجه الله، قاله عطاء.
السادس : على انتظام ثواب عملك من الله تعالى، وهو معنى قول ابن شجرة.
السابع : على ما أمرك الله من أداء الرسالة وتعليم الدين، حكاه ابن عيسى.
﴿ فإذا نُقِرَ في الناقُورِ ﴾ فيه تأويلان :
أحدهما : يعني نفخ في الصور، قاله ابن عباس، وهل المراد النفخة الأولى أو الثانية؟ قولان :
أحدهما : الأولى.
والثاني : الثانية.
- الثاني : أن الناقور القلب يجزع إذا دعي الإنسان للحساب، حكاه ابن كامل.
ويحتمل تأويلاً ثالثاً : أن الناقور صحف الأعمال إذا نشرت للعرض.

صفحة رقم 347
النكت والعيون
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن محمد بن محمد البصري الماوردي الشافعي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية