آيات من القرآن الكريم

كَلَّا ۖ إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ
ﯽﯾﯿﰀﰁ ﰃﰄﰅﰆﰇ ﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐ ﰒﰓﰔﰕﰖﰗ ﰙﰚﰛﰜﰝﰞﰟ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘ ﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ

عندهم غرور، ولا تخدعهم تلك الأمانى الكاذبة مع سوء العمل، إن عذاب ربهم غير مأمون، إن هؤلاء المؤمنين الكاملين الواثقين في الله لا يجزعون عند حلول شر بهم لأنهم واثقون أن هذا من الله. ولن يفلتوا منه أبدا مهما كان، وهم لا يمنعون خيرا عن أحد لأنهم واثقون أن الخير من الله وأن الفقراء عيال الله، وأنهم سيجازون عليه من الله، والذين هم لفروجهم حافظون. لا ينظرون إلّا لما أحله الله لهم من أزواج أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين على هذا بل مثابون عليه، فمن طلب غير ذلك وتجاوز حدود الزوجية أو ملك اليمين فأولئك هم العادون، والذين هم يراعون الأمانة، يؤدونها كاملة غير منقوصة لأربابها، وهم عند عهودهم لا يتخطونها، والذين هم يقيمون الشهادة، ويؤدونها كاملة حتى لا تضيع الحقوق، والذين هم على صلاتهم يحافظون على أوقاتها وأركانها وشروطها وسننها وآدابها، أولئك هم المصوفون بما تقدم في جنات ونعيم، وهم مكرمون في جوار الله.
هؤلاء هم المكذبون وهذه نهايتهم [سورة المعارج (٧٠) : الآيات ٣٦ الى ٤٤]
فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (٣٦) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ (٣٧) أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (٣٨) كَلاَّ إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ (٣٩) فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ (٤٠)
عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٤١) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٤٢) يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (٤٣) خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ (٤٤)
المفردات:
قِبَلَكَ: ناحيتك وجهتك. مُهْطِعِينَ: مسرعين إليك مادى أعناقهم نحوك

صفحة رقم 748

شاخصين بأبصارهم لك. عِزِينَ: جمع عزة، وهي العصبة والجماعة، وكأنها سميت بذلك لأنها تعزى وتنتسب إلى رأى خاص يجمع بين أفرادها، والمراد أنهم كانوا يجلسون حوله جماعات. بِمَسْبُوقِينَ: بمغلوبين. فَذَرْهُمْ: اتركهم. يَخُوضُوا:
يتحدثوا في الباطل. الْأَجْداثِ: جمع جدث، وهو القبر. سِراعاً:
مسرعين. نُصُبٍ جمع أنصاب، وهو كل ما نصب وأقيم للعبادة. يُوفِضُونَ:
يستبقون ويسرعون. خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ: ذليلة كسيرة.
وهذا ختام للسورة بديع، إذ بعد أن رد على سؤالهم عن العذاب، ووصف ما يلاقونه يوم الحساب، تعرض إلى طبيعة الإنسان، وبين علاج ذلك، يذكر صفات المؤمنين عادة إلى المكذبين ليختم السورة ببيان حالهم ونهايتهم وتهديدهم.
المعنى:
كان المشركون إذا سمعوا النبي يتلو القرآن أقبلوا مسرعين عليه مادى أعناقهم إليه شاخصة أبصارهم نحوه، خائفين مضطربين، حتى إذا اجتمعوا به هدأت نفوسهم قليلا فجلسوا متفرقين حوله عن اليمين وعن الشمال جماعات جماعات كأنهم يأتون أول الأمر وجلين خائفين حتى إذا هدأت قلوبهم- نوعا ما- تحلقوا حول النبي حلقا هنا وهناك يتساءلون- مع الإعراض والهزء به- ماذا قال؟ فإذا سمعوا من آيات الله وصف الجنة، وما أعد للمؤمنين فيها من نعيم مقيم، مالت رؤوسهم هازئين ساخرين قائلين: إن كان هؤلاء القوم- أتباع محمد- سيدخلون هذه الجنة، فنحن أولى بها فإنا أشراف العرب وساداتها وهم خدمنا وعبيدنا.
فقال تعالى متعجبا من حالهم ومنكرا له: أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم!! عجبا لهؤلاء القوم! كلا وألف كلا! ليس الأمر كما زعموا إن الجنة أعدت للذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الصالحات من الأعمال، إنا خلقناهم وخلقنا غيرهم مما يعلمون: من ماء مهين، من نطفة قذرة، فالكل سواء في هذا ولا فضل لشريف على غيره. وإنما الفضل- وأعلاه دخول الجنة- يكون بالإيمان لا بغيره، وما لكم تستبعدون ذلك؟ أليس الله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة... إلخ؟ فالقادر على ذلك قادر على البعث وإعطاء كل ذي حق حقه.

صفحة رقم 749

فلا أقسم برب المشارق والمغارب- في كل يوم تشرق الشمس من مشرق وتغيب في مغرب- إنا لقادرون، لا يقسم الله على ذلك لظهوره ووضوحه أكثر من الشمس في رابعة النهار.
فربك القادر على كل شيء- وخاصة شروق الشمس ومغربها- قادر على تبديل خلق خير من هؤلاء، فيهلكهم، ويأتى بخلق جديد، وما ذلك على الله بعزيز وما هو بمسبوق في ذلك، وما هم بمعجزى الله في شيء.
وإذا كان الأمر كذلك فذرهم يخوضوا في باطلهم ويذهبوا فيه كل مذهب ويلعبوا فيما لا يجدي ولا ينفع حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون؟! اذكر يوم يخرجون من القبور مسرعين كأنهم يسرعون إلى أنصابهم التي نصبوها في الدنيا للعبادة أرأيتهم وهم يسرعون نحوها؟ خاشعة أبصارهم ذليلة منكسرة ترهقهم ذلة وتغشاهم وتستولى عليهم.
ذلك هو اليوم الذي كذبوا به، وسألوه متعجلين مستهزئين به، ذلك هو اليوم الذي كانوا يوعدون! ويا ليتهم آمنوا به..

صفحة رقم 750
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية