
{يوم تكون السماء كالمهل وتكون الجبال كالعهن ولا يسأل حميم حميما
صفحة رقم 91
يبصرونهم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه كلا إنها لظى نزاعة للشوى تدعو من أدبر وتولى وجمع فأوعى} ﴿يومَ تكونُ السّماءُ كالمُهْلِ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: كدرديّ الزيت، قاله ابن عباس. الثاني: كمذاب الرصاص والنحاس والفضلة، قاله ابن مسعود. الثالث: كقيح من دم، قاله مجاهد. ﴿وتكونُ الجبالُ كالعِهْنِ﴾ يعني كالصوف المصبوغ، والمعنى أنها تلين بعد الشدة، وتتفرق بعد الاجتماع. ﴿يُبْصّرُونَهم﴾ فيه أربعة أوجه: أحدها: أنه يبصر بعضهم بعضاً فيتعارفون، قاله قتادة. الثاني: أن المؤمنين يبصرون الكافرين، قاله مجاهد. الثالث: أن الكافرين يبصرون الذين أضلوهم في النار، قاله ابن زيد. الرابع: أنه يبصر المظلوم ظالمه، والمقتول قاتله. ﴿يَوَدّ المجْرِمُ﴾ فيه وجهان: أحدهما: يحب. الثاني: يتمنى، والمجرم هو الكافر. ﴿لو يَفْتَدِي مِن عَذابِ يومِئذ﴾ يعني يفتدي من عذاب جهنم بأعز من كان عليه في الدنيا من أقاربه، فلا يقدر. ثم ذكرهم فقال: ﴿ببنيه﴾. ﴿وصاحبته﴾ يعني زوجته: ﴿وأخيه﴾. ﴿وفصيلته﴾ فيه وجهان: أحدهما: عشيرته التي تنصره، قاله ابن زيد. الثاني: أنها أمه التي تربيه، قاله مالك، وقال أبو عبيدة: الفصيلة دون القبيلة. ﴿التي تؤويه﴾ فيه وجهان:
صفحة رقم 92
أحدهما: التي يأوي إليها في نسبه، قاله الضحاك. الثاني: يأوي إليها في خوفه. ﴿كلا إنها لَظَى﴾ فيه وجهان: أحدهما: أنها اسم من أسماء جهنم، سميت بذلك لأنها التي تتلظى، وهو اشتداد حرها. الثاني: أنه اسم الدرك الثامن في جهنم، قاله الضحاك. ﴿نَزّاعة للشّوَى﴾ فيه خمسة تأويلات: أحدها: أنها أطراف اليدين والرجلين، قاله أبو صالح، قال الشاعر:
(إذا نَظَرْتَ عَرَفْت الفخر منها | وعَيْنيها ولم تعْرِفْ شَواها.) |
(قالت قُتَيْلَةُ ما لَه | قد جُلِّلَتْ شيْباً شَواتهُ.) |
(ولقد هَبَطْنا الوادِيَيْن فوادياً | يَدْعو الأنيسَ به العَضيضُ الأبكمُ.) |

الثالث: الداعي خزنة جهنم أضيف دعاؤهم إليها، لأنهم يدعون إليها. وفي ما ﴿أدبر وتولى﴾ عنه أربعة أوجه: أحدها: أدبر عن الطاعة وتولى عن الحق، قاله مجاهد. الثاني: أدبر عن الإيمان وتولى إلى الكفر، قاله مقاتل. الثالث: أدبر عن أمر اللَّه وتولى عن كتاب اللَّه، قاله قتادة. الرابع: أدبر عن القبول وتولى عن العمل. ﴿وجَمَع فأوْعَى﴾ يعني الذي أدبر وتولى جمع المال فأوعى، بأن جعله في وعاء حفظاً له ومنعاً لحق اللَّه منه، قال قتادة: فكان جموعاً منوعاً.
صفحة رقم 94