
وعاش نوح (عليه السلام) بعد الطوفان ثلاث مائة وخمسين سنة، فلما خوفهم نوح، قال له الأشراف من قومه، وهم الملأ، وهم الجماعة منهم: ﴿إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ﴾، فيكف نتبعك، أي في حيدة عِن الحق. فأجابهم بأن قال لهم: ﴿لَيْسَ بِي ضلالة﴾، أي: ليس ما دعوتكم إليه ضلالة، وإنما أنا ﴿ولكني رَسُولٌ مِّن رَّبِّ العالمين﴾، إليكم.
قوله: ﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ﴾، إلى ﴿عَمِينَ﴾.
والمعنى: إن الله ( تعالى) أخبرنا أن نوحاً (عليه السلام) قال لقومه: إني ﴿رَسُولٌ مِّن رَّبِّ العالمين﴾، أرسلني إليكم، لأبلغكم رسالاته، ﴿وَأَنصَحُ لَكُمْ﴾ في تحذيري إياكم عقابه، ﴿وَأَعْلَمُ مِنَ الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾، / أي: أعلم أن عقابه لا يرّد عن

القوم المجرمين.
وقيل المعنى: أعلم من الله أنه مهلككم ومعذبكم إن لم تؤمنوا.
ثم قال ثهم موَبِّخاً: ﴿أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ على رَجُلٍ مِّنْكُمْ﴾، وذلك إذ قالوا (له): ﴿مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا﴾ [هود: ٢٧].
ومعنى: ﴿على رَجُلٍ مِّنْكُمْ﴾.
أي: من رجل.
وقيل: على لسان رجل.
﴿لِيُنذِرَكُمْ﴾ بأسه، والعمل بما لا يرضيه، فيرحمكم إن آمنتم وأطعتموني.