آيات من القرآن الكريم

أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ ﰿ

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع نُشُراً بضمتين.
وقرأ حمزة والكسائي نشراً بنصب النون وجزم الشين.
وقرأ عاصم بشراً بالباء ويكون من البشارة كما قال في آية أخرى يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ [الروم: ٤٦].
ومن قرأ نَشْراً بالنون والنصب فيكون معناه يُرْسِلُ الرِّياحَ تَنْشُر السحاب نَشْراً، ومن قرأ بالضمتين يكون جمع نشور، يقال: ريح نشور، أي تنشر السحاب ورياح نُشُر، ومن قرأ بضمة واحدة لأنه لما اجتمعت الضمتان حذفت إحداهما للتخفيف.
ثم قال: حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالًا من الماء، والسحاب جمع السحابة يعني الريح حملت سَحَابًا ثِقَالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ يعني: السحاب تمر بأمر الله تعالى إلى أرض ليس فيها نبات فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ يعني: بالمكان. ويقال: بالسَّحاب فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ أي نخرج بالماء من الأرض الثمرات كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى أي يقول: هكذا نحيي الموتى بالمطر كما أحييت الأرض الميتة بالمطر. وذكر في الخبر أنه إذا كان قبل النفخة الأخيرة أمطرت السماء أربعين يوماً مثل مَني الرجال فتشرب الأرض، فتنبت الأجساد بذلك الماء، ثم ينفخ في الصور، فإذا هم قيام ينظرون. وفي هذه الآية إثبات القياس وهو ردّ المختلف إلى المتفق، لأنهم كانوا متفقين أن الله تعالى هو الذي ينزل المطر ويخرج النبات من الأرض.
فاحتج عليهم لإحيائهم بعد الموت بإحياء الأرض بعد موتها. ثم قال: لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ أي:
لكي تتعظوا وتعتبروا في البعث أنه كائن. ثم ضرب مثلاً للمؤمنين والكافرين فقال:
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٥٨ الى ٦٤]
وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (٥٨) لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٥٩) قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٦٠) قالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٦١) أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٦٢)
أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٦٣) فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ (٦٤)

صفحة رقم 523

وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ يعني: المكان العذب الزّكي اللين من الأرض اللينة يخرج نباته إذا أمطرت فينتفع به، كذلك المؤمن يسمع الموعظة فتدخل في قلبه فينتفع بها وينفعه القرآن كما ينفع المطر الأرض الطيبة.
وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً يعني: الأرض السبخة لا يخرج نباتها إلا من كد وعناء، فكذلك الكافر لا يسمع الموعظة ولا ينتفع بها، ولا يتكلم بالإيمان، ولا يعمل بالطاعة إلا كرهاً لغير وجه الله.
ثم قال: كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ أي هكذا نبيّن الآيات والعلامات والأمثال لمن آمن وشكر رب هذه النعم ووحّده.
قوله عز وجل: لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ يعني: بعثنا نوحاً إلى قومه بالرسالة فأتاهم، ويقال: معناه جعلنا نوحاً رسولاً إلى قومه. فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ أي وحدوا الله، مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أي ليس لكم رب سواه.
قرأ الكسائي إله غَيْرِه بكسر الراء.
وقرأ الباقون غَيْرُهُ بالضم. فمن قرأ بكسر الراء فلأجل مِنْ وجعله كله كلمة واحدة والغير تابعاً له. ومن قرأ بالضم فمعناه ما لكم إله غيره ودخلت من مؤكدة.
ثم قال: إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ وهو الغرق ف قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ وهم الرؤساء والأجلة والأشراف، سموا بذلك لأنهم ملِئوا بما يحتاج إليه منهم، ويقال: لأنهم ملؤوا الناظر هيبة إذا اجتمعوا في موضع. قالوا: إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ يعني: في خطإ بَيِّنٍ. قالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ وفي الآية بيان أدب الخلق في حسن الجواب والمخاطبة. لأنه ردّ جهلهم بأحسن الجواب، وهذا كما قال الله تعالى:
وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً [الفرقان: ٦٣] يعني: السداد من القول.
ثم قال: أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ أي أمنعكم من الفساد وأدعوكم إلى التوحيد وأحذركم من العذاب. وقال أهل اللغة: أنصح لكم وأنصحكم لغتان بمعنى واحد، كما يقال: شكرت لك وشكرتك ثم قال: وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ يعني: أعلم أنكم إن لم تتوبوا يأتيكم العذاب وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ذلك، وذلك أن سائر الأنبياء عليهم السلام خوّفوا أمتهم بعذاب الأمم السابقة، كما قال شعيب لقومه: أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَآ أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ [هود: ٨٩] وأما قوم نوح فلم يكن بلغهم هلاك أمة قبلهم. فقال لهم نوح: وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ من العذاب الذي ينزل بكم. فقالت الكبراء للضعفاء لا تتبعوه فإن هذا بشر مثلكم فأجابهم نوح فقال:

صفحة رقم 524
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية