
وقيل: " الحين " هنا، قيام الساعة.
قوله: ﴿قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ﴾ (الآية).
المعنى: إنه تعالى أعلم من أهبط، أن في الأرض يحيون ما بقي من أعمارهم، ﴿وَفِيهَا تَمُوتُونَ﴾، ومنها يخرجون في البعث.
قوله: ﴿يابنيءَادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً﴾ الآية.
قوله: ﴿قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً﴾، واللباس هو: الثياب، وهي/ غير منزلة، لكن لما كان حدوث الثياب من الكتان والقطن، والكتان والقطن إنما يكونان عن النبات بالماء، فالماء (هو) المنزل، فسمى ما يحدث عنه منزلاً أيضاً؛ لأنه عنه كان، وبه تم، ونما ونبت، وهذا يسمى: " التدريج ": لأن الثياب عن الماء اندرجت.

قوله: ﴿وَلِبَاسُ التقوى ذلك خَيْرٌ﴾.
من نصب " لباساً " عطفه على ما قبله، أي: وأنزلنا لباس التقوى، ويكون الوقف على ﴿التقوى﴾، و: ﴿ذلك﴾: مبتدأ، و: ﴿خَيْرٌ﴾ خبره.
و: ﴿ذلك﴾ إشارة إلى ما تقدم مما أخبر أنه أنزل، فمعناه: ذلك الذي أنزلنا خير من كشف العورة والتجرد في الطواف.
ومن قرأ بالرفع، جعله مبتدأ، و: ﴿ذلك﴾ نعت له، و: ﴿خَيْرٌ﴾ خبر الابتداء.

والمعنى: ولباس التقوى ذلك [الذي علمتموه] خير من لباس الثياب والزينة. ويكون التمام: ﴿وَرِيشاً﴾.
قال المبرد: من قرأ بالنصب، احتمل أن يكون ﴿ذلك﴾ إشارة إلى اللباس خاصة، وأن يكون إشارة إلى ما تقدم، ويكون في الوجهين في موضوع رفع.
ومعنى الآية: إن العرب كانت تتعرى في الطواف اتباعاً لأمر الشيطان في سلبهم من ستر الله تعالى.
ويعني بقوله: ﴿أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً﴾، أي خلقناه لكم وعلمناكم كيف تعملونه،

وهو ما يستتر به من الثياب.
﴿يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ﴾.
(أي): يستر عوراتكم.
وسميت العورة " سوأة "؛ لأن صاحبها يسوءه انكشافها من جسده.
وقوله: ﴿وَرِيشاً﴾.
قرأ المفضل عن عاصم، والحسن [وحسين] الجعفي عن أبي عمرو:

" ورياشاً " بألف.
قال الفراء: الرياش: جمع ريش، كذِئْب وذِئَاب، وبِئْر وبِئَار.
ويجوز أن يكون [رياش ك:] " ريش " كما يقال: لِبْسٌ ولِبَاس فيكونان مصدرين كاللِّبس واللِّباس.
و: " الريش " و: " الرياش ": ما ظهر من اللباس والشارة.
وقيل: الرياش: الأثاث.

وقد يستعمل " الرياش " في الخصب ورفاهة العيش.
وقيل: الرياش: المعاش.
وقال مجاهد: " الرياش "، المال.
وقال ابن زيد: " الرياش ": الجمال.
وقال الضحاك: " الرياش " المال. وقد (روي) عن ابن عباس ذلك.

وقوله: ﴿وَلِبَاسُ التقوى﴾.
فقال قتادة، والسدي، وابن جريج: هو الإيمان.
وقيل: هو الحياء.
وقال ابن عباس: هو العمل الصالح.
وعن ابن عباس أيضاً: هو السَّمت الحسن في الوجه.
وكذلك روي عن عثمان، رضي الله عنهـ، أنه فسرها على المنبر كذلك.

وقال عروة بن الزبير: هو الخشية لله، ( تعالى).
وقال ابن زيد: هو ستر العورة.
وقيل هو: لبس الصوف، والخشن من الثياب، مما يتواضع به لله، ( تعالى).
وقيل: هو استشعار النفوس تقوى الله ( تعالى) في ما أمر به، ونهى

عنه.
وهو اختيار الطبري.
وقال يحيى بن يحيى: ﴿وَلِبَاسُ التقوى﴾: الخشوع، والوقار، وحسن الَسّمْت، مع العمل بما يشبه ذلك، رواه عنه ابن حبيب.
واختار المبرد، والطبري قراءة النصب؛ لأنه كله توبيخ للمشركين في تعريهم وكشفهم سوآتهم طاعة منهم لإبليس، ليفعل بهم ما فعل بأبيهم آدم