آيات من القرآن الكريم

وَأُمْلِي لَهُمْ ۚ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ
ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓ ﮕﮖﮗﮘﮙﮚ ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ

وأقام القوم [به أمّة] فرفعهم كقوله: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ.
وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ إلى قوله تعالى وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وإنما قال ذلك لنفاد علمه فيهم بأنهم يصيرون إليها بكفرهم بربهم ويسمّي بعض أهل المعاني هذه اللام لام [الصيرورة] فيه كقوله: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً «١». وأنشدوا:

أموالنا لذوي الميراث نجمعها [ودورنا] لخراب الدهر نبنيها «٢»
وقال الآخر:
فللموت تغدو الوالدات سخالها كما لخراب الدهر تبنى المساكن «٣»
وروى عبد الله بن عمرو عن النبي ﷺ في هذه الآية قال: «إن الله تعالى كما ذرأ لجهنم ما ذرأ كان ولد الزنا ممن ذرأ لجهنم»
[١٩٩]، ثمّ وصفهم فقال لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها ولا يعلمون الخير والهدى وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها طريق الحق والرشاد وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها مواعظ الله والقرآن فيفكرون ويعتبرون بها فيعرفون بذلك توحيد الله ثمّ يعملون بتحقيق [النبوّة] فآتينا بهم ثمّ ضرب لهم مثلا في الجهل والاقتصاد على الشرب والأكل وبعدهم من موجبات العمل. وقال عز من قائل أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ لأن الأنعام تعرف ربها وتذكره ويطيعوه والكافرون لا يعرفون ربهم ولا يطيعونه
وفي الخبر: «كل شيء أطوع لله من ابن آدم» [٢٠٠] «٤».
أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ.
وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها قال مقاتل: وذلك أن رجلا دعا الله في صلاته ودعا الرحمن، فقال رجل من مشركي مكة: أليس يزعم محمد وأصحابه أنهم يعبدون ربا واحدا فما
(١) سورة القصص: ٨
. (٢) لسان العرب: ١٢/ ٥٦٢
. (٣) القاموس المحيط: ٤/ ١٧٨
. (٤) المعجم الصغير: ٢/ ٥١
.

صفحة رقم 310

بال هذا يدعو ربين اثنين، فأنزل الله وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وهو تأنيث الأحسن كالكبرى والأكبر والصغرى والأصغر، والأسماء الحسنى هي الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ... الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ ونحوها.
الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لله تبارك وتعالى تسعة وتسعين اسما، مائة غير واحدة، من أحصاها كلّها دخل الجنّة» [٢٠١] «١».
وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ. قال ابن عباس: يكذبون، وقال قتادة: يشركون، وقال عطاء: ظامئون، زيد بن أسلم: يميلون عن الحق. ابن عباس ومجاهد: هم المشركون.
وإلحادهم في أسماء الله عز وجل أنهم عدلوا بها عمّا هي عليه فسموا بها أوثانهم وزادوا فيها ونقصوا منها فاشتقوا اللات من الله تعالى والعزّى من العزيز ومنات من المنّان.
وقال أهل المعاني: الإلحاد في أسماء الله تعالى يسميه بما لم يسم به ولا ينطق به كتاب ولا دعا إليه رسول، وأصل الإلحاد الميل والعدول عن القصد ومنه لحد القبر. فيقال: ألحد يلحد إلحادا ولحد يلحد لحدا ولحودا إذا مال.
وقد قرئ بهما جميعا فقرأ يحيى بن رئاب والأعمش وحمزة: بفتح الياء والحاء هاهنا وفي النحل (رحم). وقرأ الباقون: بضم الياء وكسر الحاء وهما لغتان [صحيحتان].
وأمّا الكسائي فإنّه قرأ التي في النحل بفتح الياء والحاء وفي الأعراف (رحم) بالضم وكل يفرق بين الإلحاد واللحود فيقول: الإلحاد العديل عن القصد واللحد واللحود الركون، ويزعم أن التي في النحل يعني الركون سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ في الآخرة وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ عصبة يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ
قال قتادة وابن جريج: بلغنا أن النبيّ ﷺ قرأ هذه الآية فقال: هي أحق بالحق يأخذون ويقضون ويعطون وقد أعطى القوم بين أيديكم مثلها وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ» [٢٠٢].
قال الربيع بن أنس: قرأ النبيّ ﷺ هذه الآية فقال: «إن من أمتي قوما على الحق حتّى ينزل عيسى» (عليه السلام) [٢٠٣] «٢».
عن عمير بن هاني قال: سمعت معاوية على هذا المنبر يقول: سمعت النبيّ ﷺ قال: لا يزال من أمّتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من غالطهم حتّى يأتي أمر الله عزّ وجلّ، وهم ظاهرون على الناس» [٢٠٤] «٣».

(١) مسند أحمد: ٢/ ٤٩٩ [.....]
. (٢) تفسير القرطبي: ٧/ ٣٢٩
. (٣) مسند أحمد: ٤/ ١٠١
.

صفحة رقم 311
الكشف والبيان عن تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أو الثعالبي
راجعه
نظير الساعدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان
سنة النشر
1422 - 2002
الطبعة
الأولى 1422، ه - 2002 م
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية