آيات من القرآن الكريم

وَأُمْلِي لَهُمْ ۚ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ
ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓ ﮕﮖﮗﮘﮙﮚ ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ

٥- حرمة تأويل أسماء الله وصفاته وتحريفها كما قال المشركون في الله، اللات، وفي العزيز العزى سموا بها آلهتهم الباطلة، وهو الإلحاد١ الذي توعد الله أهله بالجزاء عليه.
٦- أهل الجنة الذين خلقوا لها هم الذين يهدون بالكتاب والسنة ويقضون بهما.
وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ (١٨٢) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (١٨٣) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (١٨٤) أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (١٨٥) مَن يُضْلِلِ اللهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٨٦)
شرح الكلمات:
كذبوا بآياتنا:: أي بآيات القرآن الكريم.
سنستدرجهم٢:: أي نستميلهم وهم هابطون إلى هوة العذاب درجة بعد درجة حتى ينتهوا إلى العذاب، وذلك بإدرار النعم عليهم مع تماديهم في التكذيب والعصيان حتى يبلغوا الأجل المحدد لهم ثم يؤخذوا أخذة واحدة.

١ الإلحاد لغة: الميل عن وسط الشيء إلى جانبه والإلحاد للميت دفنه في جانب القبر وكان من إلحاد العرب في أسماء الله تعالى أن اشتقوا العزّى من العزيز واللات من الله، ومناة من المنان فألحدوا في أسماء الله تعالى، ومن الإلحاد في أسماء الله تعالى ما يفعله جهال المتصوّفة من وضع أسماء لله تعالى لا توجد في كتاب ولا سنة.
٢ الاستدراج: هو الأخذ بالتدريج منزلة بعد منزلة، والدُرْج: لف الشيء ومنه إدراج الميت في كفنه أي: لفه فيه. واستدراج الله تعالى لأهل الغواية كلّما جددوا لله معصية جدد لهم نعمة حتى يأخذهم بذنوبهم وهم لا يشعرون وأحسن من أنشد:
أحسنت ظنك بالأيام إذ حَسُنت ولم تخف سوء ما يأتي به القدر
وسالمتك الليالي فاغتررت بها...
وعند صفر الليالي يحدث الكدر

صفحة رقم 267

وأملي لهم إن كيدي متين: أي أمهلهم فلا أعجل بعقوبتهم حتى ينتهوا إليها بأعمالهم الباطلة وهذا هو الكيد لهم وهو كيد متين شديد.
ما بصاحبهم من جنة: صاحبهم هو محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والجنة الجنون والمتحدث عنهم كفار قريش.
ملكوت السموات: أي ملك السموات إلا أن لفظ الملكوت أعظم من لفظة الملك.
فبأي حديث بعده: أي بعد القرآن العظيم.
ونذرهم في طغيانهم: أي نتركهم في كفرهم وظلمهم.
يعمهون: حيارى يترددون لا يعرفون مخرجاً ولا سبيلاً للنجاة.
معنى الآيات:
يخبر تعالى أن الذين كذبوا بآياته التي أرسل بها رسوله محمدا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يؤمنوا بها وأصروا على الشرك والضلال معرضين عن التوحيد والهدى يخبر تعالى أنه سيستدرجهم بالأخذ شيئاً فشيئاً ودرجة بعد درجة حتى يحق عليهم العذاب فينزله بهم فيهلكون ويخبر أنه يملى لهم أيضاً كيداً بهم ومكراً، أي يزيدهم في الوقت ويطول لهم زمن كفرهم وضلالهم فلا يعاجلهم بالعقوبة بل إنه يزيد في إرزاقهم وأموالهم حتى يفقدوا الاستعداد للتوبة ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر، ولذا قال ﴿وأملي١ لهم إن كيدي متين٢﴾ أي قوي شديد. هذا ما دلت عليه الآية الأولى (١٨٣) أما الثانية فإنه تعالى يوبخهم على إعراضهم عن التفكير والتعقل فيقول ﴿أو لم يتفكروا﴾ في سلوك الرسول٣ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتصرفاته الرشيدة الحكيمة فيعلموا أنه ما به من جنة وجنون كما يزعمون، وإنما هو نذير لهم من عذاب يوم أليم إن هم استمروا على سلوك درب الباطل والشر من الشرك والمعاصي، ونذارته بينه لا لبس فيها ولا غموض لو كانوا يتفكرون. وفي الآية الثالثة (١٨٥) يوبخهم

١ قيل نزلت هذه الآية: ﴿سنستدرجهم﴾ إلى قوله: ﴿متين﴾ نزلت في المستهزئين من قريش وقد أخذوا بعد الإملاء لهم زمناً زاد على العشر سنين، أخذهم في بدر وألقوا في القليب ووبخهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما هم أهله من الخزي والهوان.
٢ المتين: مأخوذ من المتن وهو اللحم الغليظ الذي عن جانب الصلب أي: الظهر.
٣ هو المراد بالصاحب في قوله: ﴿ما بصاحبكم من جنّة﴾ وهي الجنون، دعا الله تعالى قريشاً للتفكر.

صفحة رقم 268

على عدم نظرهم١ في ملكوت السموات والأرض وفي ما خلق الله من شيء وفي أن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم، إذ لو نظروا في ملكوت السموات والأرض وما في ذلك من مظاهر القدرة والعلم والحكمة لعلموا أن المستحق للعبادة هو خالق هذا الملكوت، لا الأصنام والتماثيل، كما أنهم لو نظروا فيما خلق الله من شيء من النملة إلى النخلة ومن الحبة إلى القبة لأدركوا أن الله هو الحق وأن ما يدعون هو الباطل كما أنه حرى بهم أن ينظروا في ما مضى من أعمارهم فيدركوا أنه من الجائز أن يكون قد اقترب أجلهم، وقد اقترب فعلا فليعجلوا بالتوبة حتى لا يؤخذوا وهم كفار أشرار فيهلكون ويخسرون خسرانا ًكاملاً. ثم قال تعالى في ختام الآية ﴿فبأي حديث٢﴾ بعد القرآن يؤمنون فالذي لا يؤمن بالقرآن وكله حجج وشواهد وبراهين وأدلة واضحة على وجوب توحيد الله والإيمان بكتابه ورسوله ولقائه ووعده ووعيده فبأي كلام يؤمن، اللهم لا شيء، فالقوم إذاً أضلهم الله، ومن أضله الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون حيارى يترددون لا يدرون ما يقولون، ولا أين يتجهون حتى يهلكوا كما هلك من قبلهم. وما ربك بظلام للعبيد.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- عظم خطر التكذيب بالقرآن الكريم حتى أن المكذب ليستدرج حتى يهلك وهو لا يعلم.
٢- أكبر موعظة وهي أن على الإنسان أن يذكر دائماً أن أجله قد يكون قريباً وهو لا يدري فيأخذ بالحذر والحيطة حتى لا يؤخذ على غير توبة فيخسر.
٣- من لا يتعظ بالقرآن وبما فيه من الزواجر، والعظات والعبر، لا يتعظ بغيره.
٤- من أعرض عن كتاب الله مكذباً بما فيه من الهدى فضل، لا ترجى له هداية أبداً.

١ استدل العلماء بهذه الآية: ﴿أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض﴾ ونظائر هذه الآية وهي كثيرة على وجوب النظر في الآيات والاعتبار بالمخلوقات وهو كذلك، واختلف العلماء في: هل الإيمان يثبت بالتقليد أو لابد من النظر حتى يؤمن، والصحيح: أنّ الإيمان يصح بالتقليد المفيد لليقين كإيمان عوام المسلمين، وأفضل منه ما كان عن نظر واستدلال وهو إيمان العالمين.
٢ قوله: ﴿فبأي حديث﴾ الخ: الاستفهام لتوقيفهم على ما يجب أن يفكروا فيه وينظروا إليه وتوبيخهم على ترك ذلك.

صفحة رقم 269
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية