آيات من القرآن الكريم

وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ
ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧ

من نعت " فرقة " كأنه قال: جَعَلْنَاهم أسباطاً وفرقناهم أَسْبَاطاً فيكون أَسباطاً
بدلاً من اثنتي عشرة. وهو الوجه.
وقوله: (أُمَمًا) من نعت (أَسباطاً).
قال بعضهم: " السِّبْطُ القرن الذي يجيءَ بَعْدَ قَرْنٍ، والصحيح أَن
الأسباط في وَلَدِهِ إِسحاق بمنزلة الْقَبَائِل في وَلَدِ إِسْمَاعِيل " فَوَلَدُ كُل من وُلِدَ
من أولاد يعقوب سبط وَوَلَدُ كُل من وَلَدِهِ من وَلَدِ إِسماعيل قبيلة.
وإِنما سُمِّيَ هُؤلاءِ بالأسْبَاطِ، وهؤُلاءِ بالقبائل، لِيُفْصَل بين وَلدِ إِسْمَاعِيلَ وَوَلَد إِسْحَاقَ.
ومعنى القبيلة من وَلَدِ إِسماعيل معنى الجماعة يقال لِكل جماعة مِنْ
وَلدٍ قَبِيلَة وكذلك يقال لكل جمع على شيء واحد:
قبيلٌ، قال اللَّه جلَّ وعزَّ: (إنَهُ يَرَاكمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ من حيث لا تَرَوْنَهُمْ).
فأما الأَسباط فهو مُشْتَق من السَّبَطِ، والسُّبَطُ ضرب من الشَجر تُعْلفُة الِإبِلُ، ويقال للشجرة لها قبائلُ.
فكذلك الأسباطُ من السَّبَط. كأنه جعَلَ إِسحاق بمنزلة شجرة، وجعِلَ إسماعيلُ بمنزلة شجرة.
وكذلك يَفْعَلُ النسابُونَ في النسب يجعلون الوالد بمنزلة الشَّجَرَةِ
ويجعلون الأولاد بمنزلة أغصانها، ويقال: طُوبِىَ لِطرْحِ فلانٍ، وفلان من
شجرةٍ صَالِحَةٍ - فهذا - واللَّه أعلم - معنى الأسبَاطِ والسِّبْطِ.
* * *
وقوله جلّ ثناؤه: (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (١٦٣)

صفحة رقم 383

السؤَال على ضربين، فأحد الضربين أن قال لِتَسْتَخْبرَ عما لَا تَعْلَمُ
لَتَعْلَمَ، والضرب الثاني أن تسأل مستخبراً على وجه التقرير، فتقولُ للرجُلِ أنا فعلتُ كذا؛ وأنت تعلم أنك لم تفعل، فإِنما تسأله لِتُقَررَهُ وَتُوَبخَهُ.
فمعنى أمر النبي - ﷺ - أن يسأل أهل الكتاب عن أهل هذه القرية - وقد أخبر الله جلَّ ثناؤُه
بِقِصتِهَا لِيُقررَهُم بقديم كفرهم، وأن يُعْلِمهُمْ ما لا يُعْلم إِلَّا بكتاب أو وَحْىِ.
(إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ).
أي إِذ يظلمون فِي السبْتِ، يقال أعَدَا، فلان يَعدُو عُدْواناً، وعِدَاءَ
وَعَدْواً، وَعُدُوًّا - إِذَا ظَلَمَ.
وقوله: (إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ).
حيتان - جمع حوتٍ، وَأكْثرُ ما تسَمًي العربُ السمَك الْحِيتَانَ
والنينان.
(إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ)
موضع " إِذ " نصبٌ، المعنى سَلْهُم عن عُدُوهِمْ في السبْتِ، أي سلهم عن
وقت ذلك.
(إِذ تَأَتِيهِمْ).
في موضع نصبٍ أَيْضاً ب (يعدون).
المعنى سلهم إِذ عَدَوْا في وقت الِإتْيانِ.
(شُرَّعًا).
أي ظاهرة، وكانت الحيتان تأتي ظاهرة فكانوا يحتالون بِحَبْسِها في يوم
السبت ثم يأْخذونها في يوم الأحدت ويقال إِنهم جاهروا بأخذها في يوم
السبتِ.

صفحة رقم 384
معاني القرآن وإعرابه للزجاج
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل، الزجاج
تحقيق
عبد الجليل عبده شلبي
الناشر
عالم الكتب - بيروت
سنة النشر
1408
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
5
التصنيف
ألفاظ القرآن
اللغة
العربية