
القول في تأويل قوله: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ (١٦٢) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فغيَّر الذين كفروا بالله منهم ما أمرهم الله به من القول، فقالوا= وقد قيل لهم: قولوا: هذه حطة=: "حنطة في شعيرة". وقولهم ذلك كذلك، هو غير القول الذي قيل لهم قولوه. يقول الله تعالى: "فأرسلنا عليهم رجزًا من السماءِ"، بَعثنا عليهم عذابًا، أهلكناهم بما كانوا يغيِّرون ما يؤمرون به، فيفعلون خلاف ما أمرهم الله بفعله، ويقولون غير الذي أمرهم الله بفعله. (١)
* * *
وقد بينا معنى الرجز فيما مضى. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (١٦٣) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: واسأل، يا محمد، هؤلاء اليهود، وهم مجاوروك، عن أمر "القرية التي كانت حاضرة البحر"، يقول: كانت بحضرة البحر، أي بقرب البحر وعلى شاطئه.
* * *
واختلف أهل التأويل فيها.
(٢) (٢) انظر تفسير ((الرجز)) فيما سلف ٢: ١١٧، ١١٨ / ١٢: ٥٢١ / ١٣: ٧٢.

فقال بعضهم: هي "أيلة".
* ذكر من قال ذلك:
١٥٢٥٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن داود بن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس: "واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر"، قال: هي قرية يقال لها "أيلة"، بين مَدْين والطور.
١٥٢٥٣- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير في قوله: "واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر" قال: سمعنا أنها أيلة.
١٥٢٥٤- حدثني سلام بن سالم الخزاعي قال، حدثنا يحيى بن سليم الطائفي قال، حدثنا ابن جريج، عن عكرمة قال: دخلتُ على ابن عباس والمصحف في حجره وهو يبكي، فقلت: ما يبكيك، جعلني الله فداك؟ فقال: ويلك، وتعرِف القرية التي كانت حاضرة البحر؟ فقلت: تلك أيلة! (١)
١٥٢٥٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن أبي بكر الهذلي، عن عكرمة، عن ابن عباس: "واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر"، قال: هي أيلة.
١٥٢٥٦- حدثني المثني قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قال: هي قرية على شاطئ البحر، بين مصر والمدينة، يقال لها: "أيلة".

١٥٢٥٧- حدثنا موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: هم أهل أيلة، القرية التي كانت حاضرة البحر.
١٥٢٥٨- حدثني الحارث قال، حدثنا أبو سعد، عن مجاهد في قوله: "واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر"، قال: أيلة.
* * *
وقال آخرون: معناه: ساحلُ مدين.
١٥٢٥٩- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر" الآية، ذكر لنا أنها كانت قرية على ساحل البحر، يقال لها أيلة.
* * *
وقال آخرون: هي مَقْنا.
* ذكر من قال ذلك:
١٥٢٦٠- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر"، قال: هي قرية يقال لها "مقنا"، بين مدين وعَيْنُوني. (١)
* * *
إِذْ هُنَّ فِي غَلَسِ الظَّلامِ قوارِبٌ | أَعْدَادَ عَيْنٍ من عُيُونِ أُثَالِ |
يَجْتَزْنَ أَوْدِيَةَ البُضَيْعِ جَوَازِعًا | أجْوَازَ عَيْنُونَا، فَنَعْفَ قِبَالِ |