آيات من القرآن الكريم

وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ
ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ

الزجاج: من فتح الميم فلكثرة استعمال هذا الاسم، ومن كسر أضافه إلى نفسه بعد أن جعله اسماً واحداً، ومن العرب من يقول: «يا ابن أمي» باثبات الياء. قال الشاعر:

يَا ابْنَ أُمِّي ويَا شُقَيِّقَ نَفْسِي أنتَ خَلَّفْتَنِي لدهرٍ شديدِ «١»
وقال أبو علي: يحتمل أن يريد من فتح: «يا ابن أم» أُمَّا، ويحذف الألف، ومن كسر: «ابن أمي» فيحذف الياء. فان قيل: لم قال: «يا ابن أمَّ» ولم يقل: «يا ابن أب» ؟ فالجواب أن ابن عباس قال: كان أخاه لأبيه وأُمه، وإنما قال له ذلك ليرقّقه عليه. قال أبو سليمان الدمشقي: والإِنسان عند ذكر الوالدة أرقُّ منه عند ذكر الوالد. وقيل: كان لأمه دون أبيه، حكاه الثعلبي.
قوله تعالى: إِنَّ الْقَوْمَ يعني عبدة العجل. اسْتَضْعَفُونِي أي: استذلُّوني فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ قرأ ابن عباس، وابن محيصن وحميد: «فلا تَشْمَت» بتاء مفتوحة مع فتح الميم، «الاعداءُ» بالرفع، وقرأ مجاهد، وأبو العالية، والضحاك، وأبو رجاء: «فلا تَشْمِتْ» بفتح التاء وكسر الميم، «الأعداءَ» بالنصب. وقرأ أبو الجوزاء، وابن أبي عبلة مثل ذلك، إلا أنهما رفعا «الأعداء». ويعني بالأعداء: عبدة العجل. وَلا تَجْعَلْنِي في موجدتك وعقوبتك لي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وهم عبدة العجل.
فلما تبين له عُذْرُ أخيه قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي.
قوله تعالى: وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فيها قولان: أحدهما: أنها الجزية، قاله ابن عباس. والثاني:
ما أمروا به من قتل أنفسهم، قاله الزجاج. فعلى الأول يكون ما أُضيف إليهم من الجزية في حق أولادهم، لأن أولئك قُتلوا ولم يؤدّوا جزية. قال عطية: وهذه الآية فيما أصاب بني قريظة والنضير من القتل والجلاء لتولِّيهم متخذي العجل ورضاهم به.
قوله تعالى: وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ قال ابن عباس: كذلك أُعاقب من اتخذ إلهاً دوني، وقال مالك بن انس: ما من مبتدع الا وهو يجد فوق رأسه ذلَّة، وقرأ هذه الاية. وقال سفيان بن عيينة: ليس في الأرض صاحب بدعة إلا وهو يجد ذلَّة تغشاه، قال: وهي في كتاب الله تعالى: قالوا: وأين هي؟
قال: أو ما سمعتم قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا قالوا: يا أبا محمد، هذه لأصحاب العجل خاصة، قال: كلا، أتلو ما بعدها. وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ فهي لكل مفتر ومبتدع إلى يوم القيامة.
[سورة الأعراف (٧) : آية ١٥٣]
وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٥٣)
قوله تعالى: وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ فيها قولان: أحدهما: أنها الشرك. والثاني: الشرك وغيره من الذنوب. ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها يعني السيئات. وفي قوله تعالى: وَآمَنُوا قولان: أحدهما: آمنوا بالله وهو يُخرَّج على قول من قال: هي الشرك. والثاني: آمنوا بأن الله تعالى يقبل التوبة. إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها يعني السّيئات.
(١) البيت منسوب إلى أبي زبيد حرملة بن المنذر الطائي «اللسان» شقق.

صفحة رقم 157
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية