آيات من القرآن الكريم

وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ
ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ

قومه في عبادتهم العِجْل، وَغَضَبَهُ على أخيه في إِهمال أَمرهم «١».
قال ابن عباس: لمَّا ألقاها، تكسَّرت، فَرُفِعَ أكثَرُها الذي فيه تفصيلُ كلِّ شيء، وبقي الذي في نُسْخَتِهِ الهدى والرحمة، وهو الذي أخذ «٢» بعد ذلك، قال ابن عبَّاس: كانت الألواح مِنْ زُمُرُّدِ، وقيل: من ياقوتٍ، وقيل: من زَبَرْجَدٍ، وقيل: من خشبٍ، واللَّه أعلم «٣».
وقوله: ابْنَ أُمَّ استعطافٌ برحمِ الأمِّ إذ هو ألْصَقُ القراباتِ، وقوله: كادُوا، معناه: قاربوا، ولم يَفْعَلُوا، وقوله: وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، يريد: عَبَدَةَ العجْلِ.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٥٢ الى ١٥٥]
إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (١٥٢) وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٥٣) وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (١٥٤) وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ (١٥٥)
وقوله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، وقد وقع ذلك النَّيْلُ بهم في عَهْدِ موسى عليه السلام، فالغضبُ والذِّلَّة هو أمرهم بقَتْل أنفسهم، وقال بعض المفسِّرين: الذِّلَّة: الجِزْيَة، ووَجْه هذا القول أن الغضب والذِّلَّة بقيتْ في عَقِبِ هؤلاء، وقال ابن جُرَيْج: الإِشارةُ إلى من مات من عَبَدة العجْل قبل التوبة بقَتْل الأنْفُس، وإِلى مَنْ فَرَّ، فلم يكُنْ حاضراً وقت القَتْلِ «٤»، والغَضَبُ من اللَّه عزَّ وجلَّ، إِن أخذ بمعنى الإِرادة، فهو صفةُ ذات، وإِن أُخِذ بمعنى العقوبةِ وإِحلالِ النِّقْمة، فهو صفةُ فِعْلٍ، وقوله: وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ، المرادُ أَولاً أولئك الَّذين افتَرْوا عَلَى الله سبحانه

(١) أخرجه الطبري (٦/ ٦٥) برقم: (١٥١٣٨)، وذكره ابن عطية (٢/ ٤٥٧).
(٢) أخرجه الطبري (٦/ ٦٧) برقم: (١٥١٤٧) بنحوه، وذكره ابن عطية (٢/ ٤٥٧)، والسيوطي (٣/ ٢٣٥)، وعزاه لأبي الشيخ.
(٣) أخرجه الطبري (٦/ ٦٧) برقم: (١٥١٤٧) بنحوه، وذكره ابن عطية (٢/ ٤٥٢)، والبغوي (٢/ ١٩٩)، والسيوطي (٣/ ٢٢٥)، وعزاه لابن أبي حاتم.
(٤) أخرجه الطبري (٦/ ٧٠- ٧١) برقم: (١٥١٥٧)، وذكره ابن عطية (٢/ ٤٥٨).

صفحة رقم 79

في عبَادة العِجْل، وتكونُ قوَّة اللفظ تَعُمُّ كُلَّ مفترٍ إلى يوم القيامة، وقد قال سفيان «١» بن عُيَيْنَة وأبو قِلاَبة «٢» وغيرهما/: كلُّ صاحب بدعة أو فِرْيَة، ذليلٌ واستدلوا بالآية.
وقوله سبحانه: وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ... الآية تضمَّنت وعداً بأن اللَّه سبحانه يغفرُ للتائبين وقرأ معاوية بنُ قُرَّة «٣» «وَلَمَّا سَكَنَ عَنْ مُوسَى الغَضَبُ».
قال أبو حَيَّان «٤» : واللام في لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ مُقَوِّية لوصولِ الفعْلِ، وهو يَرْهَبُونَ إلى مفعوله المتقدِّم.
وقال الكوفيُّون: زائدةٌ «٥».
وقال الأخفشُ: لام المفعول له، أي: لأجْلِ ربِّهم. انتهى.

(١) أخرجه الطبري (٦/ ٧٢) برقم: (١٥١٦١)، وذكره ابن عطية (٢/ ٤٥٨)، والبغوي (٢/ ٢٠٢)، وابن كثير (٢/ ٢٤٨)، والسيوطي (٣/ ٢٣٦).
(٢) أخرجه الطبري (٦/ ٧١) برقم: (١٥١٥٩)، وذكره ابن عطية (٢/ ٤٥٨)، والبغوي (٢/ ٢٠٢)، وابن كثير (٢/ ٢٤٨) بنحوه، والسيوطي (٣/ ٢٣٦)، وعزاه لعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.
(٣) معاوية بن قرّة بن إياس المزني أبو إياس البصري. عن علي مرسلا، وابن عباس، وابن عمر. وعنه قتادة وشعبة وأبو عوانة وخلق، وثقه ابن معين وأبو حاتم.
قال خليفة: مات سنة ثلاثة عشرة ومائة، ومولده يوم الجمل. ينظر: «الخلاصة» (٣/ ٤١- ٤٢)، «التقريب» :(٢/ ٢٦١)، «الثقات» (٥/ ٤١٢).
(٤) ينظر: «البحر المحيط» (٤/ ٣٩٦).
(٥) وفي اللام أقوال:
أحدها أن اللام مقوية للفعل، لأنه لما تقدم معموله ضعف فقوي باللام، كقوله: إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ اللام تكون مقوية حيث كان العامل مؤخرا، أو فرعا، نحو: فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ، ولا تزاد في غير هذين إلا ضرورة عند بعضهم، كقوله:
فلمّا أن توافقنا قليلا... أنخنا للكلاكل فارتمينا
أو في قليل من الكلام عند آخرين، كقوله تعالى: رَدِفَ لَكُمْ.
والثاني: أن اللام لام العلة، وعلى هذا فمفعول «يرهبون» محذوف، تقديره: يرهبون عقابه لأجله، وهذا مذهب الأخفش.
الثالث: أنها متعلقة بمصدر محذوف، تقديره: الذين هم رهبتهم لربهم، وهو قول المبرد، وهذا غير جار على قواعد البصريين، لأنه يلزم منه حذف المصدر، وإبقاء معموله، وهو ممتنع إلا في شعر.
وأيضا فهو تقديره مخرج للكلام عن وجه فصاحته.
الرابع: أنها متعلقة بفعل مقدر أيضا، تقديره: يخشعون لربهم، ذكره أبو البقاء، وهو أولى مما قبله.
ينظر: «الدر المصون» (٣/ ٣٥٠). [.....]

صفحة رقم 80
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية