آيات من القرآن الكريم

قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا ۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ
ﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ

قتل أبنائهم، فقال موسى: ﴿اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا﴾ على ما يفعل بكم). قاله ابن عباس (١).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾. هذا إطماع من موسى قومه في أن يورثهم الله أرض فرعون وقومه، أي: يعطيهم بعد إهلاكهم، وذلك معنى الإرث، وهو جعل الشيء للخلف بعد السلف.
وقوله تعالى: ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾. قال ابن عباس: (أي: الجنة لمن اتقى الله في الآخرة) (٢).
وقال غيره: (العاقبة (٣) هاهنا النصر والظفر) (٤)، ومعنى العاقبة: ما تؤدي إليه البادئة (٥) من خير أو شر، إلا أنه إذا قيل: العاقبة له فهو في الخير (٦).
١٢٩ - قوله تعالى: ﴿قَالُوا أُوذِينَا﴾. قال ابن عباس: (أي: بالقتل الأول، ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا﴾ بالرسالة، ﴿وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا﴾ بإعادة القتل

(١) ذكره الثعلبي في "الكشف" ٦/ ٨ أ، والبغوي ٣/ ٢٦٧ - ٢٦٨، وأخرج الطبري ٩/ ٢٧ بسند ضعيف عن ابن عباس قال: (لما آمنت السحرة اتبع موسى ستمائة ألف من بني إسرائيل) اهـ.
(٢) "تنوير المقباس" ٢/ ١١٩، وذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٢٢١.
(٣) في: (ب) (وقال غيره معنى العاقبة)، وهو تحريف.
(٤) هذا قول الثعلبي في "الكشف" ٦/ ٨ أ، والبغوي ٣/ ٢٦٧، وانظر: "الماوردي" ٢/ ٢٤٩، والظاهر من الآية مجموع الأمرين النصر والظفر والجنة.
(٥) في: (ب) (التادية).
(٦) انظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٥٠٤، و"اللسان" ٥/ ٣٠٢٢ (عقب)، وقال الراغب في "المفردات" ص ٥٧٥: (العاقبة إطلاقها يختص بالثواب وبالإضافة قد تستعمل في العُقوبة) اهـ.

صفحة رقم 294

عليهم والإتعاب في العمل). ﴿قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ﴾، قال (١): (وعسى من الله واجب) (٢)، قال سيبويه: (عسى (٣) طمع وإشفاق) (٤). قال الزجاج: (وما طمع الله عز وجل فيه فهو واجب، وهو معنى قول المفسرين: عسى من الله واجب) (٥).
وقوله تعالى: ﴿أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ﴾، يعني: فرعون وقومه. ﴿وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ﴾، قال ابن عباس: (يملككم ما كان يملك فرعون) (٦).
وقوله تعالى: ﴿فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾. قال أبو إسحاق: (أي: يرى ذلك بوقوع ذلك منكم؛ لأن الله لا (٧) يجازيهم على ما يعلمه منهم، إنما يجازيهم على ما يقع منهم) (٨)، وهذه الآية تسلية من موسى لقومه بما وعدهم عن ربه من إهلاك فرعون وقومه وجعلهم بدلاً منهم ليعملوا بطاعته، ثم حقق الله ذلك، فغرق فرعون وقومه واستخلفهم في ديارهم وأموالهم.

(١) لفظ: (قال) ساقط من (ب).
(٢) "تنوير المقباس" ٢/ ١٢٠، وأخرج البيهقي في "سننه" ٩/ ١٣ بسند جيد عنه قال: (كل عسى في القرآن فهي واجبة) اهـ. وذكره السيوطي في "الإتقان" ٢/ ٢٤١.
(٣) في (ب): (وعسى).
(٤) "الكتاب" ٤/ ٢٣٣.
(٥) "معاني الزجاج" ٢/ ٣٦٧، وانظر: "مجاز القرآن" ١/ ٢٢٥.
(٦) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٢٢٢ بلا نسبة، ونقل ابن الجوزي ٣/ ٢٤٦ عن ابن عباس أنه قال: (أرض مصر) اهـ.
(٧) لفظ: (لا) ساقط من (ب).
(٨) "معاني الزجاج" ٢/ ٣٦٧.

صفحة رقم 295
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية