آيات من القرآن الكريم

مَا أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ ۜ
ﮑﮒﮓﮔﮕﮖ ﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ ﮢﮣﮤﮥﮦ ﮨﮩﮪﮫ ﮭﮮﮯ ﮱﯓ ﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧ ﯩﯪﯫﯬ ﯮﯯﯰ ﯲﯳﯴﯵﯶ ﯸﯹﯺ

الجمهور: «نفخة» بالرفع، لما نعت صح رفعه، وقرأ أبو السمال: «نخفة واحدة» بالنصب. وقرأ جمهور القراء: «وحملت» بتخفيف الميم بمعنى حملتها الرياح والقدرة، وقرأ ابن عباس فيما روي عنه: «وحمّلت» بشد الميم، وذلك يحتمل معنيين أحدهما أنها حاملة حملت قدرة وعنفا وشدة نفثها فهي محملة حاملة.
والآخر أن يكون محمولة حملت ملائكة أو قدرة. وقوله تعالى: فَدُكَّتا وقد ذكر جمعا ساغ، ذلك لأن المذكور فرقتان وهذا كما قال الشاعر [القطامي] :[الوافر]

ألم يحزنك أن حبال قومي وقومك قد تباينتا انقطاعا
ومنه قوله تعالى: كانَتا رَتْقاً [الأنبياء: ٣٠] و «دكتا» معناه: سوى جميعها كما يقال: ناقة دكا:
إذا ضعفت فاستوت حدبتها مع ظهرها، والْواقِعَةُ: القيامة والطامة الكبرى، وقال بعض الناس: هي إشارة إلى صخرة بيت المقدس وهذا ضعيف، وانشقاق السماء هو تفطيرها وتمييز بعضها عن بعض وذلك هو الوهي الذي ينالها كما يقال في الجدارات البالية المتشققة واهية، وَالْمَلَكُ اسم الجنس يريد به الملائكة، وقال جمهور المفسرين: الضمير في أَرْجائِها عائد على السَّماءُ أي الملائكة على نواحيها وما لم يه منها والرجا: الجانب من الحائط والبئر ونحوه ومنه قول الشاعر [المرادي] :[الطويل]
كأن لم تري قبلي أسيرا مقيدا ولا رجلا يرعى به الرجوان
أي يلقى في بئر فهو لا يجد ما يتمسك به. وقال الضحاك أيضا وابن جبير: الضمير في أَرْجائِها عائد على الأرض وإن كان لم يتقدم لها ذكر قريب لأن القصة واللفظ يقتضي إفهام ذلك، وفسر هذه الآية بما روي أن الله تعالى يأمر ملائكة سماء الدنيا فيقفون صفا على حافات الأرض ثم يأمر ملائكة السماء الثانية فيصفون خلفهم ثم كذلك ملائكة كل سماء، فكلما فر أحد من الجن والإنس وجد الأرض قد أحيط بها، قالوا فهذا تفسير هذه الآيات، وهو أيضا معنى قوله تعالى: وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا [الفجر: ٢٢] وهو أيضا تفسير قوله يَوْمَ التَّنادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ [غافر: ٣٢- ٣٣] على قراءة من شد الدال، وهو تفسير قوله: يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا [الرحمن: ٣٣]، واختلف الناس في الثمانية الحاملين للعرش، فقال ابن عباس: هي ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم أحد عدتهم. وقال ابن زيد: هم ثمانية أملاك على هيئة الوعول، وقال جماعة من المفسرين: هم على هيئة الناس، أرجلهم تحت الأرض السفلى ورؤوسهم وكواهلهم فوق السماء السابعة. وروي عن النبي ﷺ أنه قال: «هم اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة قواهم الله بأربعة سواهم». والضمير في قوله: فَوْقَهُمْ للملائكة الحملة، وقيل للعالم كله وكل قدرة كيفما تصورت فإنما هي بحول الله وقوته.
قوله عز وجل:
[سورة الحاقة (٦٩) : الآيات ١٨ الى ٢٩]
يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ (١٨) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ (١٩) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ (٢٠) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (٢١) فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (٢٢)
قُطُوفُها دانِيَةٌ (٢٣) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ (٢٤) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ (٢٥) وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ (٢٦) يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ (٢٧)
ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ (٢٨) هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ (٢٩)

صفحة رقم 359

الخطاب في قوله تعالى: تُعْرَضُونَ لجميع العالم، وروي عن أبي موسى الأشعري وابن مسعود أن في القيامة عرضتين فيهما معاذير وتوقيف وخصومات وجدال، ثم تكون عرضة ثالثة تتطاير فيها الصحف بالأيمان والشمائل. وقرأ حمزة والكسائي: «لا يخفى» بالياء وهي قراءة علي بن أبي طالب وابن وثاب وطلحة والأعمش وعيسى، وقرأ الباقون: بالتاء على مراعاة تأنيث خافِيَةٌ وهي قراءة الجمهور، وقوله تعالى: خافِيَةٌ معناه ضمير ولا معتقد، والذين يعطون كتبهم بأيمانهم هم المخلدون في الجنة أهل الإيمان. واختلف العلماء في الفرقة التي ينفذ فيها الوعيد من أهل المعاصي متى تأخذ كتبها، فقال بعضهم الأظهر أنها تأخذها مع الناس، وذلك يؤنسها مدة العذاب، قال الحسن: فإذا أعطى كتابه بيمينه لم يقرأه حتى يأذن الله تعالى له، فإذا أذن له قال: هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ، وقال آخرون: الأظهر أنه إذا أخرجوا من النار والإيمان يؤنسهم وقت العذاب.
قال القاضي أبو محمد: وهذا ظاهر هذه الآية، لأن من يسير إلى النار فكيف يقول هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ؟ وأما قوله هاؤُمُ، فقال قوم: أصله هاوموا، ثم نقله التخفيف والاستعمال، وقرأ آخرون هذه الميم ضمير الجماعة، وفي هذا كله نظر. والمعنى على كل تعالوا، فهو استدعاء إلى الفعل المأمور به، وقوله تعالى: اقْرَؤُا كِتابِيَهْ هو استبشار وسرور، وقوله: ظَنَنْتُ الآية، عبارة عن إيمانه بالبعث وغيره، قال قتادة: ظن هذا ظنا يقينا فنفعه، وقوم ظنوا ظن الشك فشقوا به، وظَنَنْتُ هنا واقعة موقع تيقنت وهي في متيقن لم يقع بعد ولا خرج إلى الحس، وهذا هو باب الظن الذي يوقع موقع اليقين، وقرأ بعض القراء: «كتابيه» و «حسابيه» و «ماليه» و «سلطانيه» بالهاء في الوصل والوقف اقتداء بخط المصحف، وهي في الوصل بينة الوقوف لأنها هاء السكت، فلا معنى لها في الوصل، وطرح الهاءات في الوصل لا في الوقف الأعمش وابن أبي إسحاق، قال أبو حاتم: قراءتنا إثبات في الوقف وطرح في الوصل، وبذلك قرأ ابن محيصن وسلام، وقال الزهراوي في إثبات الهاء في الوصل لحن لا يجوز عنه أحد علمته، وراضِيَةٍ معناه: ذات رضى فهو بمعنى مرضية، وليست بناء اسم فاعل، وعالِيَةٍ معناه في المكان والقدر وجميع وجوه العلو، و «القطوف» : جمع قطف وهو يجتنى من الثمار ويقطف، ودنوها: هو أنها تأتي طوع المتمنى فيأكلها القائم والقاعد والمضطجع بفيه من شجرتها، وأَسْلَفْتُمْ معناه: قدمتم: و «الأيام» : هي أيام الدنيا لأنها في الآخرة قد خلت وذهبت. وقال وكيع وابن جبير وعبد العزيز بن رفيع: المراد بِما أَسْلَفْتُمْ من الصوم وعمومها في كل الأعمال أولى وأحسن، والذين يؤتون كتابهم بشمائلهم: هم المخلدون في النار أهل الكفر فيتمنون أن لو كانوا معدومين لا يجري عليهم شيء، وقوله تعالى: يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ إشارة إلى موتة الدنيا، أي ليتها لم يكن بعدها رجوع ولا حياة، وقوله تعالى: ما أَغْنى يحتمل أن يريد الاستفهام على معنى التقرير لنفسه والتوبيخ، ويحتمل أن يريد النفي المحض، و «السلطان» في الآية:
الحجة على قول عكرمة ومجاهد، قال بعضهم ونحا إليه ابن زيد ينطق بذلك ملوك الدنيا الكفرة، والظاهرة

صفحة رقم 360
المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي
تحقيق
عبد السلام عبد الشافي محمد
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت
سنة النشر
1422 - 2001
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية