آيات من القرآن الكريم

فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ
ﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ ﮢﮣﮤﮥﮦ ﮨﮩﮪﮫ ﮭﮮﮯ ﮱﯓ ﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ

- ١٩ - فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقرؤوا كِتَابيَهْ
- ٢٠ - إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ
- ٢١ - فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٌ
- ٢٢ - فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ
- ٢٣ - قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ
- ٢٤ - كُلُواْ وَاشْرَبُوا هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ سَعَادَةِ مَنْ يؤتى كِتَابَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِيَمِينِهِ، وَفَرَحِهِ بِذَلِكَ وَأَنَّهُ مِنْ شِدَّةِ فَرَحِهِ يَقُولُ لِكُلِّ مَنْ لَقِيَهُ: ﴿هَآؤُمُ اقرأوا كِتَابيَهْ﴾ أي خذوا اقرأوا كِتَابِيَهْ، لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي فِيهِ خَيْرٌ وَحَسَنَاتٌ مَحْضَةٌ، لِأَنَّهُ مِمَّنْ بَدَّلَ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِ حسنات، وعن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ (غسيل الملائكة) قال: إن الله يوقف عبده يوم القيامة فيبدي أي يظهر سَيِّئَاتِهِ فِي ظَهْرِ صَحِيفَتِهِ، فَيَقُولُ لَهُ: أَنْتَ عَمِلْتَ هَذَا فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، فَيَقُولُ لَهُ: إِنِّي لَمْ

صفحة رقم 543

أَفْضَحْكَ بِهِ وَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَكَ، فَيَقُولُ عند ذلك: ﴿هاؤم اقرأوا كِتَابيَهْ﴾، ﴿إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ﴾ حِينَ نجا من فضيحته يوم القيامة (أخرجه ابن أبي حاتم)، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الصَّحِيحِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ حين سئل عن النجوى فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يُدْنِي اللَّهُ الْعَبْدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ كُلِّهَا، حَتَّى إِذَا رَأَى أَنَّهُ قد هلك، قال الله تعالى: إِنِّي سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ، ثُمَّ يُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ بِيَمِينِهِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ فَيَقُولُ الْأَشْهَادِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظالمين"، وقوله تعالى: ﴿إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ﴾ أَيْ قَدْ كُنْتُ مُوقِنًا فِي الدُّنْيَا، أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ كائن لا محالة، كما قال تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ﴾، قَالَ تعالى: ﴿فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ﴾ أَيْ مُرْضِيَّةٍ، ﴿فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ﴾ أَيْ رَفِيعَةٌ قُصُورُهَا، حِسَانٌ حُورُهَا، نعيمة دُورها، دائم حبورها، روى ابن أبي حاتم، عن أبي أُمَامَةَ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ يَتَزَاوَرُ أَهْلُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: «نَعَمْ. إِنَّهُ لَيَهْبِطُ أَهْلُ الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا إِلَى أَهْلِ الدَّرَجَةِ السُّفْلَى فَيُحَيُّونَهُمْ وَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِمْ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَهْلُ الدَّرَجَةِ السُّفْلَى يَصْعَدُونَ إِلَى الأعلين تقصر بهم أعمالهم» (رواه ابن أبي حاتم)، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: «إِنَّ الْجَنَّةَ مِائَةُ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ والأرض». وقوله تعالى: ﴿قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ﴾ قَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ: أَيْ قَرِيبَةٌ يَتَنَاوَلُهَا أَحَدُهُمْ وَهُوَ نَائِمٌ عَلَى سَرِيرِهِ، وكذا قال غير واحد، روى الطبراني، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ الْجَنَّةَ إِلَّا بِجَوَازٍ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أدخلوه جنة عالية قطوفها دانية" (رواه الطبراني)، وفي رواية: "يُعْطَى الْمُؤْمِنُ جَوَازًا عَلَى الصِّرَاطِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لِفُلَانٍ، أَدْخِلُوهُ جَنَّةً عَالِيَةً قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ" (أخرجه الضياء في صفة الجنة)، وقوله تَعَالَى: ﴿كُلُواْ وَاشْرَبُوا هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ﴾ أَيْ يُقَالُ لَهُمْ ذَلِكَ تَفَضُّلًا عَلَيْهِمْ وَامْتِنَانًا، وَإِنْعَامًا وَإِحْسَانًا، وَإِلَّا فَقَدَ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «اعْمَلُوا وَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَنْ يُدْخِلَهُ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ» قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ منه وفضل».

صفحة رقم 544
مختصر تفسير ابن كثير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد علي بن الشيخ جميل الصابوني الحلبي
عدد الأجزاء
1