آيات من القرآن الكريم

مَا أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ ۜ
ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧ ﯩﯪﯫﯬ ﯮﯯﯰ ﯲﯳﯴﯵﯶ ﯸﯹﯺ ﯼﯽ ﯿﰀﰁ ﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ ﰋﰌﰍﰎﰏﰐ ﰒﰓﰔﰕﰖ ﰘﰙﰚﰛﰜ ﭑﭒﭓﭔﭕ ﭗﭘﭙﭚ

فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (٣٥) وَلا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (٣٦) لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (٣٧)
شرح الكلمات:
يا ليتني لم أوت كتابية: أي يتمنى أنه لم يعط كتابه لما رأى فيه من السيئات.
كانت القاضية: أي الموتة في الدنيا كانت القاطعة لحياتي حتى لا أبعث.
هلك عني سلطانية: أي قوتي وحجتي.
خذوه: أي أيها الزبانية خذوا هذا الكافر.
فغلوه: أي اجعلوا يديه إلى عنقه في الغل.
ثم الجحيم صلوه: أي ثم في النار المحرقة أدخلوه وبالغوا في تصليته كالشاة المصلية.
حميم: أي من قريب ينفعه أو صديق.
إلا من غسلين: أي صديد أهل النار الخارج من بطونهم لأكلهم شجر الغسلين.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر ما يجري من أحداث وقد تقدم ذكر الذي أوتي كتابه١بيمينه وما له من كرامة عند ربه وفي هذه الآيات ذكر الذي أوتي كتابه بشماله وما له من مهانة وعذاب جزاء كفره فقال تعالى ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ﴾ ٢ أي في عرصات القيامة فيقول بعد النظر فيه وما يلوح له فيه من السيئات ﴿يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ﴾ يتمنى لو أنه لم يعط كتابه ولم يدر٣ ما حسابه وأن الموتة التي ماتها في الدنيا يتمنى لو كانت القاطعة لحياته حتى لا يبعث، ثم يواصل تحسره وتحزنه قائلا ﴿مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ﴾ أي مالي والهاء في ماليه وفي كتابيه وحسابيه وفي ماليه وسلطانيه يقال لها هاء السكت يوقف عليها بالسكون قراءة كافة القراء وقوله ﴿هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ﴾ أي ذهبت عني حججي٤ فلم أجد ما أحتج به لنفسي قال تعالى للزبانية

١ تقدم أنه أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي وزوجته هي أم المؤمنين تزوجها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد موت زوجها أبي سلمة وإن الشقي هو الأسود بن عبد الأسد أخو أبي سلمة.
٢ أي بشماله ووراء ظهره وهو كتاب سيئاته من الشرك والمعاصي كبيرها وصغيرها.
٣ هذا من عظم ما يشاهد من شدة الحساب وشناعته هذا داخل في حيز متمناتيه، كما هو إشارة إلى أنه كان في الدنيا لا يؤمن بالحساب ولم يدر ما يجري فيه ولذا اصابته الحيرة هنا وألم به الكرب.
٤ عن أبن عباس رضي الله عنهما.

صفحة رقم 425

﴿خُذُوهُ١ فَغُلُّوهُ﴾ أي شدوا يديه في عنقه بالغل ﴿ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ٢﴾ أي أدخلوه فيها وصلوه بحرها المرة بعد المرة كما يصلى الكبش المشوى المصلي، ﴿ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ﴾ طويلة ﴿ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ﴾ ولم يعرف مدى طول هذه الذراع إلا انه إذا كان الكافر ما بين كتفيه كما بين مكة وقديد قرابة مائة وخمسين ميلا فإن السلسلة في ذرعها السبعين ذراعا لابد وأن تكون مناسبة لهذا الجسم ﴿فَاسْلُكُوهُ﴾ أي ادخلوه فيهل فتدخل من فمه وتخرج من دبره كسلك الخرزة في الخيط وذكر تعالى علة هذا الحكم عليه فقال ﴿إِنَّهُ كَانَ﴾ أي في الدنيا ﴿لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ٣﴾ فانحصرت جريمته في شيئين الكفر بالله ومنع الحقوق الواجب في المال ثم أخبر تعالى عن حال هذا الكافر الشقي في جهنم فقال ﴿فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا﴾ أي في جهنم ﴿حَمِيمٌ٤﴾ أي صديق أو قريب ينتفع به فيدفع عنه العذاب أو يخففه ﴿وَلا طَعَامٌ إِلا مِنْ غِسْلِينٍ٥﴾ أي وليس له طعام يأكله إلا من طعام الغسلين الذي هو صديد أهل النار فإنهم عندما يأكلون شجر الغسلين يكون كالمسهل في بطونهم فيخرج كل ما في بطونهم وذلك هو الغسلين الذي يأكلونه ذلك الغسلين الذي لا يأكله إلا الخاطئون أي الذين ارتكبوا خطيئة الكفر والعياذ بالله تعالى.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر أحداثها.
٢-المال الذي باع المفلسون فيه الأمة والملة لا يغني يوم القيامة عن صاحبه شيئا.
٣-التنديد بالكفر بالله وأهله.
٤-عظم جريمة منع الحقوق المالية من الزكاة وغيرها.

١ خذوه مقول قول ذكر في التفسير وغلوه أمر من غله يغله إذا وضع الغل وهو القيد الذي يجعل في عنق الجاني.
٢ صلى النار يصلاها إذا أصابه حرها أو استدفأ بها، ويعدى بالتضعييف فيقال صلاه النار وبالهمز أيضاً أصلاه يصليه ناراً.
٣ الطعام بمعنى الإطعام وضع موضعه كوضع العطاء موضع الإعطاء كما في قول الشاعر:
أكفراً بعد رد الموت عنى
وبعد عطائك المائه الرتاعا
الرتاع الإبل ترتع
٤الحميم هنا الغريب الذي يرق له ويدفع عنه المكروه، وهو مأخوذ من الماء الجار كأنه الصديق الذي يرق ويحترق قلبه له.
٥ الغسلين فعلين مأخوذ من الغسل كأنه ينغسل في أبدانهم وهو صديد أهل النار السائل من جروحهم وخروجهم قال الضحاك: الغسلين شجر وهو شر الطعام وأبشعه وهو من أطعمة أهل النار مثل الضريع والزقوم وبناء على ما ذكر أن الغسلين مجموع شجر اسمه الغسلين وما تجمع من صديد أهل النار من دم وعرق ونحوه فصدق عليه لفظ الغسلين وهذا من إعجاز القرآن البلاغي.

صفحة رقم 426
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية